نشر بتاريخ :
16/07/2025
توقيت عمان - القدس
10:46:18 PM
حقق
الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» إيرادات ضخمة بلغت 2.1 مليار دولار من تنظيم
بطولة كأس العالم للأندية 2025، وهو رقم يعكس النجاح التجاري الكبير للبطولة من
حيث حقوق البث والإعلانات والرعايات العالمية.. لكن في المقابل، لم يمر الحدث من
دون انتقادات، حيث واجه الاتحاد الدولي تحذيرات قوية من نقابة لاعبي كرة القدم
العالمية «فيفبرو»، التي دقت ناقوس الخطر بسبب ما وصفته بـ«الحرارة المستحيلة»
التي عانى منها اللاعبون خلال المباريات، فقد أُجبرت فرق عدة على خوض مواجهاتها في
أوقات الظهيرة، وتحديداً عند الثانية أو الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي في
أمريكا، في مدن تشهد ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة خلال الصيف، ما أدى إلى
إجهاد بدني واضح وتراجع في الأداء، ووصل الأمر إلى شكاوى علنية من بعض اللاعبين
والمدربين بشأن صعوبة التنفس والحركة داخل الملعب.
اختبار
فاشل
وقد
طالت الظروف المناخية الصعبة معظم المدن المستضيفة، وهو ما دفع نقابة اللاعبين إلى
اعتبار هذه النسخة من البطولة اختباراً فاشلاً من الناحية التنظيمية فيما يخص
السلامة البدنية، مطالبة باتخاذ إجراءات فورية لتجنب تكرار الأزمة في البطولات
المقبلة.
وقال
ألكسندر بيلفيلد، مدير السياسات في نقابة لاعبي كرة القدم العالمية «فيفبرو»، إن
ما حدث في بطولة كأس العالم للأندية يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار حقيقي لجميع
الأطراف قبل انطلاق كأس العالم 2026، التي ستقام أيضاً في الولايات المتحدة
والمكسيك وكندا، وأوضح أن ستة ملاعب من أصل 16 ستستضيف مباريات البطولة المقبلة
تقع في مناطق توصف بأنها «عالية الخطورة» من حيث تأثير درجات الحرارة المرتفعة على
صحة وسلامة اللاعبين.
وأشارت
دراسة نشرت عبر «EOS» وهي
جهة مرموقة في مجال العلوم البيئية والجيوفيزيائية ومنصة تابعة للاتحاد
الجيوفيزيائي الأمريكي، بالتعاون مع نقابة اللاعبين العالمية «فيفبرو»، إلى أن ستة
ملاعب من أصل 16 ملعباً ستستضيف مباريات كأس العالم 2026، تصنف ضمن الفئة «شديدة
الخطورة» من حيث الإجهاد الحراري خلال فصل الصيف.
قائمة
الملاعب
وتضم
هذه القائمة كلاً من ملعب هارد روك في ميامي، وملعب جيليت في فوكسبورو، وملعب
أروهيد في كنساس سيتي ، وملعبي بي بي في إيه في مونتيري وأكرون في غوادالاخارا
بالمكسيك، ولينكولن فاينانشال فيلد في فيلادلفيا.
ووفقاً
للدراسة، فإن هذه الملاعب معرضة لدرجات حرارة قد تتجاوز عتبة الخطر الفسيولوجي على
اللاعبين، ما يتطلب مراجعة جدية لتوقيتات المباريات وشروط السلامة في ظل تزايد
التحذيرات من موجات الحر الشديدة المتوقعة صيفاً.
وأشار
بيلفيلد إلى أن التحذير يستند إلى مشاهدات مباشرة وشكاوى حقيقية من اللاعبين،
مؤكداً أن الإشارات واضحة ويجب التعامل معها بجدية.
ولم
تكن هذه المخاوف نظرية أو مبالغاً فيها، إذ عبر عدد من اللاعبين والمدربين عن
استيائهم من الأجواء، وعلى رأسهم ماركوس يورينتي، لاعب أتلتيكو مدريد، الذي وصف
ظروف اللعب خلال مواجهة فريقه أمام باريس سان جيرمان في مدينة باسادينا بـ«الحرارة
المروعة»، مؤكداً أن اللعب في هذه الأجواء الحارقة أمر مرهق وغير آمن بدنياً، وهي
المباراة التي خسرها الفريق الإسباني برباعية نظيفة في دور المجموعات، وأُقيمت
خلال وقت الظهيرة، وواجه خلالها اللاعبون صعوبة في التحرك والتركيز بسبب الضغط الحراري
المرتفع.
وفي
نهاية البطولة، خرجت نقابة لاعبي كرة القدم العالمية «فيفبرو» بجملة ملاحظات،
اعتبرت فيها أن الإجراءات التي اتخذها الاتحاد الدولي لكرة القدم خلال كأس العالم
للأندية لم ترتق إلى مستوى التحديات المناخية التي واجهها اللاعبون، ورغم توفير
مناشف مبللة وزجاجات مياه إضافية على أطراف الملعب، رأت النقابة أن هذه التدابير
لم تكن كافية لحماية اللاعبين من الإجهاد الحراري، خاصة في ظل إقامة العديد من
المباريات في أوقات الظهيرة، وتحت درجات حرارة تجاوزت في بعض المدن 40 درجة مئوية.
وأشارت
«فيفبرو» إلى أنها اقترحت خلال مجريات البطولة تمديد فترة الاستراحة بين الشوطين
إلى 20 دقيقة، إلى جانب تقسيم كل شوط إلى ثلاث فترات يتخللها توقف قصير كل 15
دقيقة لإراحة اللاعبين من الحرارة، لكنها أوضحت أن هذه الاقتراحات لم تنفذ
بالكامل، ما دفعها لوصف تجاوب «فيفا» مع الأزمة بأنه جزئي ومحدود التأثير.
صحة
اللاعبين
وشكل
توقيت المباريات محوراً أساسياً في النقاشات التي دارت بين نقابة اللاعبين
والاتحاد الدولي لكرة القدم، خاصة في ظل الانتقادات التي وجهت إلى جدول البطولة من
قبل مدربين ولاعبين، اعتبروا أن خوض المباريات في أوقات الظهيرة يعرض اللاعبين
لمخاطر صحية حقيقية، ورغم التحذيرات والمطالبات بتعديل مواعيد انطلاق المباريات
لتقام في فترات المساء، لم تطرح أي تغييرات جوهرية على جدول البطولة، وهو ما أثار
استغراب النقابة وعدد من المهتمين بشؤون صحة اللاعبين.
وترى
«فيفبرو» أن الإبقاء على هذه التوقيتات يعود بالأساس إلى اعتبارات تتعلق بحقوق
البث التلفزيوني، إذ يتم تحديد مواعيد المباريات بما يتناسب مع أوقات الذروة في
الأسواق الكبرى حول العالم، لضمان أعلى نسب مشاهدة وعائدات مالية من الرعايات
والإعلانات. وأظهر هذا الواقع مرة أخرى التباين القائم بين الاعتبارات التجارية
التي تحكم تنظيم البطولات الكبرى، وبين الحاجة إلى وضع صحة اللاعبين في صدارة
الأولويات، خاصة في ظل تزايد عدد المباريات والمنافسات على مدار العام دون فترات
راحة كافية.
القلق
مستمر
ولا
تقتصر المخاوف على ما شهدته بطولة كأس العالم للأندية، فالأعين تتجه الآن إلى
النسخ المقبلة من البطولات الكبرى، وفي مقدمتها كأس العالم 2026، المقرر إقامته
خلال الصيف المقبل في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وتبقي هذه المعطيات قضية
حماية اللاعبين من الإجهاد الحراري مطروحة بقوة، باعتبارها تحدياً مستمراً ليس
مرتبطاً ببطولة واحدة، بل بواقع مناخي وتنظيمي متكرر، وفي ظل ازدحام الروزنامة
الكروية وكثرة المباريات الممتدة على مدار العام، باتت أصوات عديدة تحذر من أن
اللاعب قد يتحول إلى الطرف الأضعف في معادلة تجارية تدار فيها اللعبة بأولويات
السوق، وليس بمتطلبات السلامة البدنية.
وكالات