تشهد أسعار العديد من السلع الغذائية في قطاع غزة ارتفاعات غير مسبوقة، وذلك نتيجة استمرار الإغلاق الذي تفرضه قوات الاحتلال للمعابر منذ الثاني من آذار/ مارس الماضي، ما فاقم أزمة الغذاء التي بلغت أدنى مستوياتها منذ بدء حرب الإبادة على القطاع في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قد أعلن عن نفاد جميع مخزوناته الغذائية في غزة، في ظل استمرار الإغلاق الصهيوني للمعابر للشهر الثالث على التوالي.

وفي السياق ذاته، أوقفت وكالة "أونروا" والمنظمات الدولية والأهلية العاملة في القطاع برامج توزيع الطرود الغذائية على الفقراء والنازحين، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الحادة في توفر السلع الغذائية الأساسية، ووصل إلى حد الغياب التام لبعضها من الأسواق، مثل الطحين والبقوليات والأرز، التي شهدت قفزات جنونية في أسعارها.

وخلال جولة ميدانية في عدد من أسواق جنوب ووسط القطاع، وثقت شهادات حية على فداحة الأزمة، حيث تجاوز سعر الكيلو الواحد من الطحين 60 شيكلًا (16 دولارًا)، وتراوح سعر كيلو الأرز بين 9 و14 دولارًا، فيما سجل العدس أسعارًا بين 11 و15 دولارًا للكيلو الواحد.

وامتدت الأزمة لتطال مصادر الطاقة البديلة، حيث ارتفعت أسعار الأخشاب والحطب المستخدم كبديل لغاز الطهي إلى ما بين 2 و3 دولارات للكيلو الواحد، أي بزيادة تقدر بنحو ستة أضعاف الأسعار التي كانت سائدة قبل إغلاق المعابر.

كما تضاعفت أسعار الخضروات بشكل مقلق، حيث سجل كيلو البندورة أكثر من 8 دولارات، والبصل 15 دولارًا، والبطاطا 22 دولارًا، والباذنجان نحو 8 دولارات، وغيرها من الأصناف التي شهدت زيادات مضاعفة مقارنة بما كانت عليه قبل بدء الإغلاق.

ووفقًا لبيان صادر عن الغرفة التجارية في غزة، فقد بلغ متوسط الارتفاع في الأسعار أكثر من 527 بالمئة مقارنة بما قبل الإغلاق، ونحو 1400 بالمئة مقارنة بالأسعار السائدة قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وقد انعكس هذا التدهور بشكل مباشر على حياة السكان، حيث فقدت آلاف العائلات القدرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية، وبات الكثير منها يعتمد على وجبة واحدة يوميًا، في ظل عجز شبه كامل عن تأمين الغذاء.

وأدت هذه الظروف القاسية إلى تفاقم الأزمة الصحية لسكان القطاع، حيث أصبح مئات الآلاف معرضين لخطر الموت جوعًا، نتيجة لسوء التغذية والانهيار المستمر في الوضع الصحي العام.

وفي هذا السياق، حذرت منظمة الصحة العالمية من التدهور الخطير في الأوضاع الصحية بقطاع غزة، في ظل الحصار الخانق المستمر منذ نحو تسعة أسابيع، حيث قالت المتحدثة باسم المنظمة مارغريت هاريس: "الوضع الصحي في غزة كارثي، ونحن قريبون جدًا من الهاوية"، مشيرة إلى أن "المخاطر الصحية التي يواجهها السكان تتفاقم يومًا بعد يوم، نتيجة نقص الإمدادات الأساسية".

ومنذ قرابة تسعة أسابيع، تمنع سلطات الاحتلال إدخال أي إمدادات إلى قطاع غزة، ما أجبر المخابز والمطابخ المجتمعية والجمعيات الخيرية على إغلاق أبوابها. كما أعلنت المنظمات الدولية العاملة في القطاع عن نفاد مستودعاتها من المستلزمات الغذائية، بما فيها حليب الأطفال.

وتواصل قوات الاحتلال الصهيوني، بدعم أمريكي مطلق، عدوانها المتواصل على قطاع غزة برًا وبحرًا وجوًا، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما أسفر حتى الآن عن استشهاد وإصابة أكثر من 170 ألف فلسطيني، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.

الحقيقة الدولية - وكالات