الحقيقة الدولية – المفرق – حسين عليمات

أكد أكاديميون من جامعات أردنية وخبراء في قطاعي السياحة والآثار اكتشاف موقع مقام الصحابي والقائد العسكري خالد بن الوليد في بلدة الخالدية بمحافظة المفرق.

جاء هذا التأكيد خلال مؤتمر عُقد في بلدية الخالدية تحت عنوان "اكتشاف وتطوير مقام خالد بن الوليد ومحيطه التراثي في بلدة الخالدية – المفرق"، بمشاركة ممثلين عن الجامعة الهاشمية، وجامعة آل البيت، واتحاد المؤرخين في تراث القبائل، واتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين، ومبادرة درب الوئام الحضاري، وبلدية الخالدية، وعدد من منظمات المجتمع المدني المحلية.

وأشار إبراهيم العطين، أحد المشاركين في المؤتمر، إلى الأهمية التاريخية والتراثية للبلدة، معرباً عن شكره للجهات التي ساهمت في جهود التطوير والتحديث والاستفادة من الموارد المتاحة.

من جهته، أوضح أستاذ علم الآثار والتراث في الجامعة الهاشمية الدكتور محمد وهيب أن عملية التوثيق والدراسات لمقام خالد استغرقت أربع سنوات منذ عام 2021، حيث عمل فريق من الجامعة الهاشمية وجامعة آل البيت وفق أسس البحث العلمي، بالاستناد إلى الأدلة المادية وغير المادية. وأكد أن أقوال المؤرخين والرحالة القدامى والمحدثين أشارت إلى عبور خالد بن الوليد أرض المفرق أثناء تحركات جيوش المسلمين نحو معركة اليرموك الكبرى. كما أكدت البقايا التراثية المكتشفة وجود المقام في الخالدية، والذي بني من حجارة بازلتية وكان معروفاً خلال الفترة العثمانية، ولا تزال بقاياه موجودة حتى اليوم رغم تعرضه للعبث.

وبيّنت الدراسات غير المادية في الخالدية العادات والتقاليد المرتبطة بالمقام منذ القرن الثامن عشر، مما يؤكد ضرورة الاهتمام به وربطه بمدينة أم الجمال لتثبيت مسار القائد خالد بن الوليد في البادية الأردنية.

وشدد الدكتور وهيب على ضرورة إعادة صيانة وترميم المقام التراثي وحمايته وحفظه للأجيال القادمة، مشيراً إلى توثيق ودراسة مقامات أخرى تمثل أماكن إقامة الصحابي القائد خالد في الأردن، مثل مقامه في حرثا وتلة خالد بن الوليد قرب الحدود السورية الأردنية. كما لفت إلى انتشار تراث خالد بن الوليد في أرض معركة مؤتة، حيث لقبه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بـ "سيف الله المسلول"، وإقامة نصب تذكاري للسيف في منطقة معركة اليرموك كرمز للبطولة والنصر العظيم.

بدوره، أكد الدكتور عبد العزيز هويدي من جامعة آل البيت على أهمية تراث الخالدية على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، خاصة موقع مقام خالد بن الوليد، وموقع قرية أبو غاره التاريخية، ووادي العاقب، والقحاطي وغيرها.

وتحدث أحمد العليمات، راعي المؤتمر، عن تاريخ البحث والدراسات في المقام وحاجته للترميم ونشر الوعي الثقافي، بالإضافة إلى أهمية التعاون مع الجامعتين الهاشمية وآل البيت. وأكد رئيس اتحاد المؤرخين في تراث القبائل، سعد سلامة، على أهمية التعاون في تطوير الإرث الحضاري، وخاصة تراث خالد بن الوليد في الأردن.

كما استعرض العميد المتقاعد مناور الشخاترة الفتوحات التي خاضها القائد خالد بن الوليد في معركتي مؤتة واليرموك، مبيناً ضرورة الاهتمام بالإرث الحضاري والاستفادة من اقتصاديات السياحة الدينية في هذا المجال.

وتناول رئيس بلدية الخالدية، جمال أبو شندي، مستقبل التطوير السياحي والتراثي في الخالدية والجهود التي تبذلها البلدية في تطوير المقومات السياحية، وخاصة السياحة الدينية المرتبطة بمقام خالد وجواره.

وأشار رئيس بلدية أم الجمال، حسن الرحبة، إلى أهمية إبراز العلاقات التاريخية بين المواقع الأثرية والأماكن التراثية وربط الخالدية بأم الجمال وتطوير المسارات السياحية. وأكد محمد الخالدي على ضرورة إبراز الخالدية وأهميتها التاريخية وإدراجها على الخارطة السياحية، فيما شدد محمد الفالح على ضرورة إبراز معالم الخالدية بالتعاون مع وزارة السياحة.

وخلال الجلسة العلمية، تناولت الدكتورة جمانة الدويكات المقام ومسار خالد بن الوليد عبر الأردن والطرق القديمة التي سلكها الأجداد عبر الأردن، وخاصة عبر محافظة المفرق. وعرضت الباحثة نيفين رشاد من الجامعة الهاشمية استخدام التقنيات الحديثة في توثيق المقام، وخاصة الرسومات باستخدام الصور الجوية والرسم ثلاثي الأبعاد لتطوير المقام وإعادة ترميمه بعد تعرضه للعبث قديماً.

كما عرض الباحث من الجامعة الهاشمية، ينال فريحات، لتوثيق التراث غير المادي في الخالدية والمقابلات الميدانية والحكايات الشعبية حول المقام.

وأوصى المشاركون في المؤتمر بضرورة ترميم المقام وإعادة الأجزاء المفقودة منه وتسهيل الوصول إليه، وإصدار النشرات العلمية والكتيبات والخرائط حوله والتي بدأت الجامعة الهاشمية بإعدادها، بالإضافة إلى إقامة متحف تراثي فلكلوري في الخالدية.

وفي ختام المؤتمر، زارت الوفود المشاركة قلعة القحاطي، واطلعت على أبرز المعالم التاريخية والتراثية في الخالدية.

وقد ألقت الطالبة تولين الخالدي قصيدة ترحيبية بالمشاركين في المؤتمر.