نشر بتاريخ :
01/03/2025
توقيت عمان - القدس
4:48:21 PM
أولى ليالي رمضان بغزة.. جراح يصعب التئامها
استقبلت آلاف
الأسر في قطاع غزة، اليوم الأول من شهر رمضان المبارك، بالكثير من الألم بتذكر من
فقدوهم من الآباء والأمهات والأبناء خلال حرب الإبادة التي استمرت لأكثر من 15
شهرًا.
جراح يصعب
التئامها لآلاف الأسر، وسط ظروف إنسانية قاسية حيث أغرقت الأمطار الغزيرة عشرات
الخيام التي تؤويهم وبقايا المنازل المدمرة التي لجأوا إليها.
لم تكن الأم
المكلومة هند أبو دقة (55 عامًا) تعرف أنه سيأتي عليها رمضان وهي فاقدة لابنها
الوحيد بفعل الإجرام الإسرائيلي الذي ترك جرحًا نازفًا في كل بيت فلسطيني في غزة.
مرت ثلاثة
أشهر ثقال على الأم التي لم يفارق الشهيد عازم ولو للحظة واحدة أنظارها في كل
زاوية من زوايا البيت، الذي بدا وكأنه حزين في أول سحور من شهر رمضان المبارك.
تقول إنها لم
تتوقف لحظة واحدة عن الدعاء له بالرحمة والطلب من محبيه مشاركتها الدعاء لابنها
الذي فارقها جسدًا، وبقيت روحه حاضرة في كل تفاصيل حياتها وطقوس رمضان، بدءًا من
تزيين المنزل بالأنوار وتحضير وجبات السحور والإفطار وصلاة التراويح وزيارة
الأرحام.
أكدت أبو دقة
أن الشهيد كان الابن البار والصديق المخلص لها ولوالده وأخواته الخمس اللواتي فقدن
السند بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
أما والدة
الشهيدين الشقيقين هيثم وبشار، الحاجة أم نايف أبو ستة التي يشبه حالها حال الأم
أبو دقة، أصرت على عدم تناول وجبة السحور الأول لشهر رمضان لعدم قدرتها على تحمل
الجلوس على المائدة في ظل غياب ابنيها.
دعت الحاجة
أبو ستة (56 عامًا) الله عز وجل، أن يعينها على صوم شهر رمضان في ظل غياب فلذتي
كبدها، اللذين كانا يؤنسان وحدتها بعد وفاة زوجها وسفر ابنها البكر قبل سبع سنوات.
رغم وقف إطلاق
النار، يواصل الاحتلال إجرامه بحق العائدين إلى منازلهم والمخيمات المؤقتة التي تم
إقامتها للذين فقدوا مأواهم، واستهدافهم بشكل مباشر لينغص عليهم حياتهم ويحرمهم من
طقوس رمضان.
في مدرسة
عبسان الابتدائية شرق خان يونس، دعت العائدة أم تحرير أبو دقة (60 عامًا) الله أن
يعينها على الإجابة عن أسئلة الطفلين أشرف خمس سنوات، ورتال ثلاث سنوات، عن
والدتهم الشهيدة هلا التي مر على استشهادها ستة أشهر.
تؤكد أبو دقة
أن وجود الطفلين معها يزيد من معاناتها ويصعب عليها التغلب على ظروف الحياة بفقدان
من كانت تشكل فكاهة العائلة بابتسامتها الدائمة بطيبة قلبها، والسند والمعين لها
بسبب مرضها لتصبح هي المعين لنفسها وللطفلين.
تابعت أن
عودتها إلى المخيم الذي تم إقامته لحي الفراحين شمال عبسان الكبيرة، ليجمعها مع
باقي أبنائها ليكونوا سندًا لها في ظل وضعها الصحي السيئ اصطدم بعنجهية الاحتلال
الذي بدأ في التصعيد لإجبار العائدين على النزوح من جديد لتمرير مخططاته.
أما المأساة
الكبرى عندما تفقد الأسرة معيلها الوحيد، الأب الذي يوفر لأبنائه كافة المستلزمات
في ظل الواقع المرير وظروف الحياة الصعبة.
تقول أم محمد
الشاعر (32 عامًا) التي فقدت زوجها بداية دخول قوات الاحتلال مدينة رفح، إن فقدان
رب الأسرة يعني أن المسؤولية ستنتقل مباشرة إلى الأم التي ستصبح المعيل والمربي،
وهذا حمل تعجز الجبال على حمله في ظل الظروف التي يعيشها قطاع غزة المدمر.
وأضافت أم
محمد أنها لم تفقد زوجها فقط، بل فقدت كل شيء في حياتها، المعيل والمأوى، والآن
أصبحت بحاجة إلى أبسط الأشياء في الواقع المرير للقطاع.
تؤكد أن أمس
كم كان صعبًا عليها عندما استذكرت التحضيرات التي كان يقوم بها زوجها، في اليوم
الذي يسبق بدء الشهر الفضيل من تحضيرات، تزيين وتوفير كافة مستلزمات رمضان من مأكل
ومشرب وفوانيس لأطفاله الثلاثة.
بدوره، استذكر
حسن حلاسة (53 عامًا) العائد إلى منزله في مدينة غزة، اليوم الأول من رمضان
واللحظات الأولى لفقدان زوجته وثلاثة من أبنائه وعدد من أقربائه في قصف الاحتلال
منزل بجانب المنزل الذي نزح إليه مع أسرته في مخيم الزوايدة وسط القطاع، في بداية
حرب الإبادة التي شنها الاحتلال على القطاع في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
رغم مرور 15
شهرًا على فقدانه الركن الأساسي من الأسرة، زوجته وابنته مرح طالبة الطب، واختها
بيسان، وطفله المدلل عمر، حاول جاهدا أن يتناسى ويتعايش مع الواقع المؤلم الذي
فرضته الحرب، لكن بصره وعقله يصطدم بصورة الأسرة التي كانت تعيش أجواء من الهدوء
والسكينة في الشقة التي انتقل إليها قبل الحرب بأشهر قليلة.
الحقيقة
الدولية - وكالات