أسعار الذهب في الأردن الصبيحي : بداية مرحلة مؤلمة في مسيرة الحماية الاجتماعية يُشكّل لطمة مع دخول العدوان يومه الـ202: شهداء وجرحى بقصف الاحتلال المتواصل على غزة مئات المستعمرين يقتحمون الأقصى بالتزامن مع “عيد الفصح” اليهودي الأردن يسير قافلة مساعدات جديدة إلى غزة مكونة من 115 شاحنة 114 دعوى سُجلت لدى وحدة سلطة الأجور في وزارة العمل في الربع الأول من 2024 شهيد في رام الله واقتحامات جديدة في الضفة الغربية الحرارة أعلى من معدلاتها بـ 12 درجة اليوم غضب وعمليات توقيف في جامعات أميركية على وقع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين الصين تحذر من أن الدعم العسكري الأميركي لتايوان يزيد من "خطر حصول نزاع" نحو 282 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في 2023 باريس سان جيرمان يهزم لوريان ويضع قدما على منصة التتويج الأحلام تتبدد.. ليفربول يتعرض لهزيمة ثقيلة أمام جاره اللدود إيفرتون وفيات من الاردن وفلسطين اليوم الخميس 25 -4 -2024 اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات

القسم : بوابة الحقيقة
هل نحن بحاجة لنخبة فكرية حقة؟
نشر بتاريخ : 9/3/2017 6:35:44 PM
أ.د. محمد الدعمي

أ.د. محمد الدعمي

للإجابة على السؤال المهم أعلاه، يتوجب على المرء أن يلاحظ غياب التعريف الدقيق للفظ “نخبة”، خاصة في ثقافة مجتمعاتنا. أما مسألة تحديد النخبة الفكرية، فهي لذلك مسألة أعقد وأكثر عصيانًا على الحل، نظرًا لاختلاط مفهوم النخبة الفكرية، في دواخل الذهنية العربية، بمفاهيم “نخبوية” أخرى، بل ومن نوع آخر تمامًا، الأمر الذي يساعد المتابع (العربي خاصة) على المزيد من الخلط واللغط والتداخل والغيمية.

وإذا ما أردنا الارتجاع إلى أفضل من حدد مفهوم ومعنى “النخبة الفكرية” (على المستوى العالمي في سياق تاريخ الأفكار)، وأقصد المفكر البريطاني “ماثيو آرنولد” Matthew Arnold، فإن على المرء، قبل ذلك، عزل هذا المفهوم الأفضل نسبيًّا عمّا اعتوره من مفاهيم وجدت لنفسها مواطئ في دواخل الذهنية العربية القابلة لكل شيء، كما يبدو. ومرد ذلك كله يرجع إلى بداية عصر الاستقلال السياسي في العالم العربي، إذ حاولت الحكومات العربية وقياداتها الناشئة حقبة ذاك الخلط بين مفهوم النخبة الفكرية، من ناحية، ومفهوم النخبة الحاكمة، من الناحية الأخرى، بل وعلى نحو لا مسؤول. للأسف وسبب ذلك، بطبيعة الحال، هو نزعة الاستحواذ والهيمنة غير المحدودة التي ابتليت بها بعض الشعوب العربية والإسلامية بسبب الأنانية التي دفعت الحاكم إلى محاولة الهيمنة على كل شيء، ومن هذه الأشياء (التي أرادها لنفسه فقط) إحالته فكرة النخبة الفكرية الى ذاته: فهو يريد أن يكون “نخبة حاكمة”، و”نخبة غنية”، و”نخبة إقطاعية” وإن يكون كل ما أمكن من “نخب”.

لذا اختلط المفهوم في دواخل الذهنية العربية كما لاحظنا أعلاه، خاصة بين “النخبة الثرية” و”النخبة الحاكمة”، باعتبار أن الأولى هي التي تتولى السيطرة الاقتصادية على أقدار المجتمع؛ بينما تتولى الثانية السيطرة على كل ما عداها من مراكز قوة وسلطان، كالتشريعية والتنفيذية والاعتبارية النفسية. هذا، بالضبط، ما يجعل أفراد التخبة الثرية يخشون، أيما خشية، النخبة الحاكمة، باعتبار قدرة الأخيرة على مصادرة ما تملك النخبة الثرية الأولى، باستخدام وتوظيف أدوات متنوعة، ومنها أدوات القانون وقوات فرض النظام والمحاسبة والرقابة. لهذا يتمسك أعضاء النخب الثرية بتكرار امتداح وتعابير الولاء إلى صاحب النخبة الحاكمة بوصفه “ولي النعمة”.

أما النخبة الفكرية الحقة التي نتطلع إليها في مجتمعاتنا العربية على نحو خاص، فهي تلك “النخبة الفكرية” التي أراد “آرنولد” المذكور في أعلاه، لها الاضطلاع بقيادة المجتمع نحو الاستنارة والتقدم الحقيقي في ظل العدالة الاجتماعية، شريطة عدم المساس بثوابت أخلاقية وروحية محددة. بيد أن المعضلة العصية على الحل في هذا السياق تأخذ أقوى صورها في دولنا العربية نظرًا لأن القائمين على النخبة الحاكمة وأعضائها يرومون أن يحلوا محل بقية النخب، أي النخبتين المالية والفكرية خاصة، فيهرع هؤلاء إلى ما يسمى بــ”رعاية الثقافة والآداب والفكر والفنون”، كخطوة أولى إلى محاولة الحلول محل النخبة الفكرية. وهذا ما جعل الحاكم ينشر “قصيدة” أو يكتب وينشر رواية على سبيل المثال، باعتبار أنه لا يفتقر فعلًا لأي شيء، لا للموهبة ولا للمال ولا لجبروت السلطة، خاصة بعد أن يعزز هذه الخطوات الوهمية والموهومة بعمليات ضم الأراضي وشراء ما يمكن من أدوات السيطرة على الاقتصاد، فيصعد تلقائيًا إلى صفوف أعضاء نخبة الأثرياء من أصحاب رؤوس الأموال من خلال تملكه الأراضي والمعامل والمؤسسات التجارية، من بين سواها من أدوات صنع المال وكنز الأرباح.

وكنتيجة نهائية، يجد أعضاء النخبة الفكرية الحقيقيون أنفسهم وقد فقدوا دورهم وأدوات تعريف هذا الدور اجتماعيًّا وأخلاقيًّا في مجتمعاتهم. وكدلالة نهائية تجد العقول الذكية الجبارة والمثقفة نفسها وقد أحيلت على التقاعد قبل الأوان وعلى حين غرة.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023