توقيف 3 موظفين من هيئة تنظيم قطاع الطاقة بجرم استثمار الوظيفة تنسيق حكومي لـ "مستقلة الانتخاب" لتجويد العملية الانتخابية وزير المياه يوقع اتفاقية مشروع صرف صحي حكما-اربد بقيمة 11,3 مليون دينار البدادوة يعترض على شمول “هتك العرض” بالعقوبات البديلة ويطالب باستثنائه من التعديل وزير مالية الاحتلال يؤكد: الجيش لن ينسحب من غزة مقابل صفقة تبادل أسرى وزير العدل: تعديلات على قانون العقوبات تنظّم سداد الغرامات وتتيح بدائل عن الحبس منتدى التواصل الحكومي يستضيف رئيس مجلس إدارة البريد 4928 منتسبًا جديدًا و300 نشاط في دورة شعبة "الكهربائية" بنقابة المهندسين رئيس الديوان الملكي يلتقي وفدا من أبناء عشيرة الفارس الشوابكة كيلو البطاطا بـ 22 دولارا.. ارتفاع جنوني في أسعار الغذاء بغزة مع استمرار إغلاق المعابر الأوراق المالية ومركز الملك عبدالله يبحثان تفعيل مذكرة التفاهم ترقب لإعلان اندماج حزبي "إرادة" و "تقدم" خلال الأسبوع القادم طاقم سعودي لتحكيم نصف نهائي كأس الأردن بين الفيصلي والحسين إربد الدفاع المدني يتعامل مع 1599 حادثًا خلال 24 ساعة وزير الداخلية يوعز بالإفراج عن 390 موقوفًا إداريًا

القسم : بوابة الحقيقة
المشروع الإيراني يواجه لحظة الحقيقة
نشر بتاريخ : 4/29/2025 11:47:20 AM
د. منذر الحوارات


بقلم: د. منذر الحوارات

 

تنعقد الجولة الثالثة من المفاوضات الأميركية الإيرانية بوساطة عُمانية، وسط توقعات بإحراز تقدم مطرد، إذ إنتقل  النقاش إلى الجانب التقني بالتوازي مع الجوانب السياسية والأمنية، هذا هو الخبر، فبالرغم من الطابع الصفري للعلاقة بين إيران والولايات المتحدة، بمعنى كل شي أو لا شيء، والذي لأجله جيشت الميليشيات في أقطار عربية عدة لمحاربة هذا «الشيطان الأكبر»، واستماتت مع حلفائها في إطلاق الشعارات بضرورة سحقه أولا على الأرض، ثم إنهاء مشروعه الاستعماري.

 

كل ذلك كان قبل «طوفان الأقصى»، اما بعد فقد  تخلّت إيران عن خطتها لضرب المشروع الأميركي في خاصرته الأهم، واكتفت بمشاغلته، وكان سبب هذا التحول الرعب الذي خلفه وجود البوارج الأميركية في المتوسط، والذي جعلها تدرك حقيقة قوتها وإمكاناتها، ومع قدوم ترامب، صاحب فلسفة «الضغط الأقصى» على إيران، والتي ألحقت بالاقتصاد الإيراني أضراراً كارثية، فقد عززها في عودته الثانية  بمفهوم «التهديد الأقصى»، واضعاً  ايران أمام خيارين إما التوصل إلى اتفاق نووي بشروط أميركية، أو مواجهة الخيار العسكري المباشر.

 

وفي ظل تبعثر الأوراق الإيرانية في المنطقة، بتدمير بعضها أو إضعاف بعضها الآخر، وتراجع مشروعها الإقليمي إلى مجرد محاولة البقاء، تلقى المرشد الأعلى نصيحة من أركان حكمه الإستراتيجيين، رؤساء السلطات الثلاث بضرورة الاذعان والذهاب نحو التفاوض، وقد استفاد هؤلاء من المعطيات على الأرض في لبنان، عندما تبين لهم أن مدى العمق الذي استخدمته القوات الإسرائيلية في اغتيال السيد حسن نصرالله، قادر على تدمير منشأتي فوردو ونطنز، مما أعاد المرشد الى فتوى «بالمرونة البطولية» التي أطلقها عام 2013،  وهو الذي رفض قبل أشهر أي فكرة لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة، واصفا إياها بأنها «ليست ذكية، ولا حكيمة، ولا شريفة»، لقد نجح مستشاروه في إقناعه أن الظروف مختلفة هذه المرة، وأن ترامب جادٌّ في تهديداته، وان النظام أصبح في خطر داهم  فإن لم ينفذ ترامب  العملية بنفسه فإن إسرائيل ستقوم بها، والذرائع متوافرة، تخلى المرشد عن كل تحفظاته وقرر الدخول في مفاوضات جدية حول البرنامج النووي بل ربما تشمل البرنامج الصاروخي، بل أن الاتفاق المتوقع قد يحتوي على صفقة اقتصادية ضخمة تسمح للولايات المتحدة بالاستثمار بنحو تريليون دولار في إيران.

هنا يبرز التساؤل الجوهري: لماذا لم تتخذ إيران هذه الخطوة عندما كان الخراب والدماء يُبذلان عربياً، وعندما كان مشروعها في أوجه؟ لماذا أوصلت المنطقة إلى هذا الدمار طالما أن النتيجة النهاية هي التفاوض؟ لقد تخلت إيران عن اللبنانيين، والسوريين، والفلسطينيين، بعد أن استخدمت شعوبهم أدواتٍ في مشروعها المجنون، بل إنها استخدمت قضيتي الشيعة وفلسطين كغطاء لهذا الطموح، وهو الإدعاء الذي سقط عند أول نقطة اختبار حقيقية،  وكشف عن مدى رخص دماء أهل المنطقة عند الإيرانيين، وما يثبت ذلك تراجعهم السريع عندما جاء دورهم ليدافعوا عن مشروعهم ويبذلون دمهم دفاعاً عنه، لقد تراجعوا  بسرعة إلى الوراء وقرروا أن دم الإيرانيين أغلى من أن يُبذل لأجل مشروع يعلم صانعوه قبل غيرهم مدى عقمه.

 لقد مارس الإيرانيون عبثاً إستراتيجياً مروّعاً بحق شعوب منطقتنا العربية خلال العقود الماضية، من أجل هدف واحد: فتح طريق العودة إلى قلب واشنطن بشروط تخدم النظام،  لأنهم كانوا يعلمون جيداً حجم العشق الأميركي للجغرافيا السياسية الإيرانية، وأن الولايات المتحدة، منذ سقوط الشاه، كانت مستعدة لفعل كل شيء لاستعادة إيران إلى فلكها، لأنها بالنسبة لهم أثمن من أن تُترك أو يتم التخلي عنها، ومع تدشين الصراع البارد مع الصين، والذي قد يتحول إلى صراع ساخن في أي لحظة، أدرك الإيرانيون أن أميركا جادة هذه المرة في إزاحة النظام إذا لم يقدم التنازلات المطلوبة، وأن مرحلة العبث والمراوغة في المفاوضات قد ولى.

اليوم، تدخل إيران في مفاوضات مع «الشيطان الأكبر»، وتقدم له التنازلات، بل وتستعد لتوقيع اتفاق نووي وآخر اقتصادي ضخم، وربما تذهب إيران إلى أبعد من ذلك، بتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل على غرار «كامب ديفيد» بين السادات وإسرائيل بعد وفاة جمال عبد الناصر، إلا أن الفارق الجوهري أن مصر خاضت معاركها دفاعاً عن قضاياها الوطنية دون أن تخرب أوطان الآخرين، بينما دمرت إيران أوطانا عربية عدة، وأهلكت شعوبا، وأحالت جزءاً واسعاً من الجغرافيا العربية إلى كيان غامض أسمته «غرب آسيا»، جردت فيه المنطقة من هويتها وحولتها إلى مجرد أداة في مشروع عبثي، لم نحصد منه سوى الموت والخراب، بينما الحال كذلك ما يزال البعض يصفقون لهذا المشروع ويرونه المنقذ في نفس الوقت الذي أدرك فيه مبتدعوه مدى فشله وإخفاقه، وها هم يسارعون إلى مغادرة مسرحه عند أول لحظة حقيقة.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023