أول تعليق رسمي في مصر على زراعة البن بعد 40 عاما من التجارب المدير السابق للأمن العام اللبناني: ظهور "داعش" مجددا ذريعة لبقاء الغرب في المنطقة وفيات من الاردن وفلسطين اليوم الجمعة 26- 4 – 2024 الولايات المتحدة و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن المحتجزين لديها بايدن يعين ليز غراندي مبعوثة خاصة جديدة للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط أطعمة تحتوي بلاستيك فاحذرها انتهاء موسم نجم تشيلسي انقلب السحر على الساحر.. قوة جيسوس تتحول لنقطة ضعف الهلال "مستقلة للانتخاب" : مستعدون للانتخابات .."الشؤون السياسيه" : المجلس القادم فرصة للأحزاب - فيديو الصحة العالمية: 57% من أطفال أوروبا بعمر 15 عاما شربوا الخمر مرة على الأقل أدوية الحموضة تزيد احتمالات الصداع النصفي 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة البريزات يلقي كلمة أعضاء الفدرالية العالمية لمدن السياحة في نيوزلندا. مندوبا عن الملك وولي العهد.. العيسوي يعزي قبيلة بني حميدة الفرايه من جرش يؤكد على أهمية مشاركة المواطنين في الحياة السياسية والحزبية

القسم : بوابة الحقيقة
مكابدات آخر يهود العراق
نشر بتاريخ : 5/2/2017 7:36:24 PM
أ.د. محمد الدعمي
 
بقلم: أ.د. محمد الدعمي

ثابرت في (يهودية من بلاد بابل) “(The Jewess of Babylonia)، روايتي القصيرة المنشورة أخيراً في الولايات المتحدة الأميركية، على أن أقتنص لحظة تاريخية خاطفة ومتلاشية بسرعة مذهلة شهدت النهاية المأسوية للطائفة اليهودية “أو الموسوية، أو الاسرائيلية كما تسمى في العراق أحياناً” حيث اجتمعت عوامل عدة مع عشرات الدوافع الظاهرة والمبطونة لاستغلال هذه الطائفة العراقية القديمة التي يعود تاريخها الى السبي البابلي “586 ق.م.”، أي الى الفين وسبعمئة سنة، والى مئات السنين قبل الفتح العربي الاسلامي لبلاد الرافدين “العراق اليوم”.

لذا تعد هذه الرواية التاريخية القصيرة تجسيداً دقيقاً لتفاعل السجل التاريخي مع الخيال الأدبي الفني في محاولة لاعادة انتاج ما قاسته عائلة يهودية بغدادية خلال الأيام الأخيرة من وجودها في بغداد من مكابدة أنواع الضغوط، النفسية والاقتصادية والأمنية والاعلامية، ليس من أجل الحفاظ على وجودها في العراق، مكوناً سكانياً ألفي الوجود، إنما من أجل طردها من الأرض التي احتضنتها وخدمتها طوال مراحل تاريخية عديدة على سبيل القضاء عليها وجوداً أو سكانياً اصيلاً، عبر الاعدامات أو التهجير الى اسرائيل، للأسف.

يقص المؤلف كيف قامت أجهزة الأمن والمخابرات الحكومية آنذاك “بين 1969-1973” باطلاق حملة ضغط نفسية، شملت اتهام اليهود بالتجسس لصالح اسرائيل، أي بالخيانة العظمى، وشنق أعداد من شبيبتهم وشيّابهم بالتهمة نفسها على أعواد المشانق وعرضهم لأيام طوال في الساحة الرئيسية بمدينة بغداد “ساحة التحرير” ليكونوا فرجة للجميع، واذا ما كانت هذه التهم والحملة المسعورة قد جرفت من الأبرياء الكثير “ومنهم يهود ومسلمين ومسيحيين”، فان الضغط الحكومي شمل عمليات مراقبة ومضايقة متواصلة وخانقة، لدرجة منع أفراد الطائفة “رسمياً” من الخروج عن مساحة دائرة معينة من الأميال خارج نطاق سكنها.

زد على ذلك منعهم من اقتناء وسائل الاتصال، كالهواتف والبرق والبريد، بحجة منع اتصالهم بــ”العدو الصهيوني”، ناهيك عن فصل وتسريح الموظفين اليهود من وظائفهم الحكومية وفي القطاع الخاص. وخوفاً من غضب أجهزة الأمن، امتنع المواطنون عامة من التعامل مع اليهود “حتى بالبيع والشراء” خوفاً من تهم التجسس والخيانة التي كانت تطلق جزافاً فترسل من يبتلي بها الى حبل المشنقة.

لكن بعد بضعة عقود، وبعد مراجعة تلك اللحظة التاريخية المتلاشية “شكراً للرواية أعلاه”، راحت “بانوراما” دوافع وارهاصات النظام الحاكم، آنذاك، تتبدى بجلاء للمتابع: اذ تم عبر هذه العملية المنظمة ضد اليهود العراقيين الاستيلاء على أموالهم المنقولة وغير المنقولة، خصوصاً وأن أغلبهم كان من اصحاب الثروات الكبيرة “تجار وملاكون وموردون وأصحاب حرف”.

زد على ذلك تم امتطاء تهمة التجسس للتخلص من القوى السياسية المعارضة بامتطاء اليهود، وبخاصة الشيوعيين باعتبار أن الشباب اليهود كانوا من قيادات وكوادر الحزب الشيوعي العراقي المتقدمة “رغم تأسيسهم ما سمي”عصبة مكافحة الصهيونية” في تاريخ سابق”، لكن كان أهم دافع عملت الحكومة على الاستجابة اليه هو ادانة ما كان يسمى “دول المواجهة” أي الدول العربية التي شاركت في حرب الأيام الستة “5 يونيو 1967″، وتحت شعار “كل شيء من أجل المعركة”. بهذه الطريقة القومية والوطنية والاسلامية المثلى ثم تمرير القضاء على الطائفة العبرية العتيقة في العراق.

لقد تم استثمار هذه الطائفة كبش فداء ذهب ضحية المزايدات والدعايات والمصالح الموقتة للأسف. وقد اضطلع المؤلف بتسجيل ما مر ذكره في أعلاه على نحو قصصي يتبأور على الشابة اليهودية “سارة” ابنة الخياط البغدادي الشهير قحطان التي جسدت مكابدات هذه الطائفة، خلال تلك الأيام العصيبة التي قادتها الى الفرار مع عائلتها من العراق (بمساعدة ضابط الشرطة المسلم الذي وقع في شباك حبها) لتجنب الوقوع فريسة مع والدها ووالدتها وأخويها بأيدي من لا قلب لهم في دوائر التعذيب الأمنية والتحقيقات الجنائية، علماً ان الرواية سترى النور، معربةً، على أيدي عقيلتي، السيدة لقاء الورد، خلال بضعة أيام لتكون رواية تاريخية وثائقية بأيدي القراء العرب أينما كانوا.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023