وزير الاقتصاد الرقمي والريادة يلتقي وفداً من البرلمان العربي النائب العرموطي يودع مجلس النواب إرادة ملكية بإلغاء قانون التصديق على اتفاقية امتياز التقطير السطحي للصخر الزيتي الملك ينعم على شخصيات ومؤسسات بميدالية اليوبيل الفضي - أسماء 4887 شاحنة مساعدات دخلت قطاع غزة خلال نيسان أوكرانيا.. محاكمة 10 أطباء زوروا مصدّقات طبية لأشخاص للتهرب من الخدمة العسكرية الاتحاد الفرنسي يصدر قرارا مثيرا للجدل تجاه اللاعبين المسلمين الشرطة تشتبك مع المتظاهرين لمنعهم من دخول ساحة "تقسيم" في إسطنبول اتحاد جدة السعودي يستقر على بديل صلاح مسؤول في حماس: الحركة متمسكة بوقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة أبو نجمة: ارتفاع معدل البطالة في الأردن الى 22% مؤشر خطير "اتحاد نقابات العمال": الحد الأدنى للأجور لا يكفي من سنوات لأسرة مكونة من عامل واحد وزير الأشغال يوعز بدراسة توحيد أجور “عمال المياومة” جرش .. إتحاد الجمعيات الخيرية يكرم العاملين في يوم العمال العيسوي: مواقف الأردن لوقف العدوان السافر على غزة ثابتة وحازمة

القسم : بوابة الحقيقة
العطارات لن تكون الأخيرة..
نشر بتاريخ : 7/19/2023 12:52:10 PM
د. منذر الحوارات


بقلم: د. منذر الحوارات

 

أعقبت فترة الربيع العربي موجة هستيرية للحصول على على مصادر آمنة للطاقة في الأردن، فبعد الاعتداءات المتكررة على خط الغاز مع مصر وارتفاع أسعار النفط عالمياً إرتفعت تكلفة إنتاج الكهرباء، ولأن الحالة الشعبية كانت مزدحمة بالاحتجاجات اليومية  تعبيراً عن الغضب من السياسيات الحكومية، لذلك ركزت الحكومات على صناعة انجازات بأسرع وقت دون دراستها على الوجه الأكمل، وفي غمرة هذه المعمعة يمكن لمُتخذ القرار إن يُسقط  الحسابات الاستراتيجية، أو يقوم بعملية حساب خاطئة للإحتياجات المستقبلية، أو أن يتعرض للخداع من الأطراف المستثمرة أو لتصفية حسابات أو أن يسقط هو نفسه في حلقة الفساد  .

 

ولأن مشاريع الطاقة الوطنية تأخذ البعد الاستراتيجي لذلك فإن حسابها لا يُخضع لمفهوم الربح والخسارة الفوري بشكل دائم بل تأخذ المنحى الأمني الاستراتيجي لأنها باختصار واحدة من وسائل الحرب بين الدول ويبدو أن المشروع أُخذ  بهذا السياق، لكن المشاريع ذات الهدف نفسه والتي أُقيمت  مزامنة له ودون حساب الجدوى الفعلية  أفقدته الهدف الأساسي من إنشائه، فكانت مشاريع الطاقة الشمسية ومشاريع طاقة الرياح وكذلك خزان الغاز المُسال في العقبة، وكان خاتمة  تلك المشاريع إستيراد الغاز من دولة الإحتلال وهذا هو السبب الأول والرئيسي في تراجع أهمية العطارات، رافق  كل ذلك إنخفاض أسعار النفط العالمية مما حول مشروع العطارات من مُنقِد إلى مأزق حقيقي  وأكتشف الحكومة بشكل مفاجيء أنها تعرضت للغبن في تحديد أسعار الكهرباء، ولجأت الى التحكيم الدولي لإيقاف هذا الغبن .

 

لكن  هل  هو فعلاً غبن؟ وهل اللجوء الى التحكيم كان الوسيلة الوحيدة؟  في حال كان كذلك  فإن الحكومة تتهم جميع طواقمها المفاوضة والموقعة بالتقصير والتفريط بمصلحة البلد مما يوجب محاسبتهم، وتتهم كذلك واضعي استراتيجيات الطاقة بسؤ التقدير وغياب الأهلية  وهؤلاء ربما بنوا حساباتهم على  أن الأردن سيكون مزود رئيسي للدول العربية التي خربتها الحروب الأهلية، وهذا التصور  أسقط من اعتباره أن قرار هذه الدول ليس مرهوناً بها وحدها فكل من العراق وسوريا ولبنان يخضع لإكراهات داخلية وخارجية تجعل قراره الطاقوي مرهوناً لاعتبارات متعددة مما جعل الكهرباء المُصدرة لهذه الدول قليلة مما حدا بالحكومة ان تشتري الكهرباء دون استخدامها وهذه كارثة اقتصادية، ولسوء الطالع ترافق هذا الإخفاق مع بداية الحرب الباردة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين وتصاعد المخاوف الأمريكية من أن تحل الصين مكانها إقتصادياً وبالتالي سياسياً وعسكرياً، لذلك بدأت خطة إستراتيجية تهدف الى إجهاض المشاريع الصينية في دول العالم المختلفة، ولأن الأردن يحظى بمكانة إستراتيجية بالنسبة  لكلا الدولتين لذلك كان لزامًا عليه أن يتحمل نتائج تلك العلاقة المتوترة، فوجدنا الولايات المتحدة تضغط على الأردن لشراء الغاز من دولة الاحتلال للتقليل من أهمية العطارات، وكان لأمريكا ما تريد، أما بالنسبة للصين فالأردن دولة مهمة في المنطقة وهي واسطة العقد في  مشروع الحزام والطريق الاستراتيجي، لذلك لم تكن الصين لتفرط بالأردن بسهولة، لكن الذهاب الى التحكيم مباشرة يبدو أنه حسم موقف الأردن وقطع كل الطرق معها، وأظهر أن الأردن إنحاز مبكراً للجانب الأمريكي وأسقط من حساباته النتائج الكارثية على الإقتصاد الوطني، والسؤال هل كان بالإمكان إيجاد معادلة وسط بين الموقفين ؟ بإعتقادي نعم .

 

يمكن إدراج إفشال في مشروع العطارات تحت مسميات عديدة، فهو قد يكون  أياً  مما ذُكر سابقاً لكن أخطر ما  يمكن يكون هو أنه قد يُعبرعن انقطاع الوصل بين الإقتصادي الطاقوي والسياسي مما أدى إلى غياب قراءة حقيقية للتأثير الفعلي لمثل هذا المشروع على العلاقة مع الحليف والداعم الأكبر (أمريكا)، والسؤال هل طُلبَ منّا نسف المشروع أم  تبرعنا من تلقاء أنفسنا ؟ لا يوجد جواب على هذا السؤال، والأحتمال الآخر الأخطر هو أن يكون تدمير العطارات جزء  تصفية حسابات داخلية  بين أطراف متصارعة يدفع الأردن وشعبه ثمنها  لكباشهم  من جديد وهذه ذاتها  كانت سبباً في إفشال  مشاريع أخرى كثيرة في الماضي وستكون سبباً في إفشال مشاريع مستقبلية فالعطارات لن يكون الأخير بالنسبة لها،  لأنها بإختصار تعتبر أن  مصالحها ووجودها فوق مصلحة الأردن ووجوده  .

 

 

 

 

 

 

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023