القضاة ينفي حضوره غداء الاوقاف بمكة الذي انسحبت منه البعثة الاعلامية مجهول يضع حفاضة طفل على رأس رئيس اللجنة الأولمبية الدولية في مقهى الحملة الأردنية و"الخيرية الهاشمية" توزعان وجبات في محافظات غزة انتهاء المحادثات الروسية الأوكرانية في إسطنبول إذاعة "يوم القيامة" تخرج إلى الأثير برسائل غامضة! منحة للموظفين السوريين بقيمة 500 ألف ليرة بمناسبة عيد الأضحى الملك يتقبل أوراق اعتماد عدد من السفراء في قصر بسمان الزاهر ولي العهد يرعى حفل تخريج دورة مرشحي الطيران/54 في كلية الملك الحسين الجوية تقرير: 72% من اللاجئين السوريين في الأردن لا ينوون العودة حاليا تحديد موعد صلاة العيد وأماكن المصليات هرب فوق سيارة!.. طفل ينجو من هجوم كلاب ضالة في إيدون بإعجوبة - فيديو قصف عنيف يخلّف 52 شهيدا في غزة في يوم انخفاض البطالة في الأردن بمقدار 0.1% لتسجل 21.3% في الربع الأول وزير التربية يكرم طالبا وقف خارج أسوار المدرسة احترامًا للسلام الملكي جرش .. مراقبو التوجيهي يؤدون القسم

القسم : بوابة الحقيقة
تصفية الحسابات: لا فضاء سوى العراق؟
نشر بتاريخ : 1/20/2017 7:49:12 PM
أ.د. محمد الدعمي
 
أ.د. محمد الدعمي

إن أية متابعة فطنة ودقيقة لما يجري في العراق اليوم. إنما تؤشر ما أذهب إليه في أعلاه عندما ألاحظ بأن المسؤولين الأتراك والإيرانيين عندما يتصافحون أمام الكاميرات، فإنهم إنما يخفون خناجرهم خلف ظهورهم بقصد النيل من المقابل إن أتيحت الفرصة لذلك. علمًا أن الفرصة أضحت متاحة الآن ـ أكثر من أي وقت مضى كي تبدأ المنازلة عبر الإقليم الشاسع والغني الممتد بين الموصل وبغداد..

في واحدة من أهم خلاصات كتابي الجديد الموسوم (وطن بلا وطنيين: كرد وسنة وشيعة في صراع ذاتي التدمير) (2016)، خلصت إلى أن الغزو الأميركي للعراق (2003) إنما آل إلى استبدال دولة مركزية قوية، برغم سلبياتها، بأخرى ضعيفة، فاقدة للإرادة. ومع اعتراضاتنا على الدولة القوية المخلوعة الأولى ونقدنا لها، إلا أن الدولة الضعيفة التالية إنما فتحت الطريق واسعة لإحالة العراق إلى خواء قوة Power Vacuum، فضاءً رخوًا وناعمًا، جاذبًا للصراعات الإقليمية والدولية التي لا شأن له بها ولا ترتجى فائدة منها له على أقل تقدير.

من هنا تأتي بواعث افتراضيتي الأساس التي تفيد بأن العراق استحال اليوم حلبة صراع بين قوتين إقليميتين أساسيتين (أو بين وكلائهما) على نحو خاص، هما: (1) تركيا، و(2) إيران، ناهيك عن القوى الأخرى التي تحاول جاهدة إيجاد موطئ قدم لها في هذا البلد المهم، ومنها إسرائيل. أما الممر الذي سمح لهذه الصيرورة ولنفاذ هاتين القوتين وتخللهما إليه، ميدانًا للصراع، أي لاتخاذه “حلبة صراع ـ إقليمي”، فهو الانقسام المجتمعي (الطائفي) المأساوي الذي لم يكن، لولا سماح الأميركان بوجوده وتكريسهم لآثاره بدعوى الديمقراطية وحقوق الإنسان، الأمر الذي قاد العراق، بل والشرق الأوسط برمته نحو هاوية التشرذم والتحالفات اللامجدية، ناهيك عن التشتت الطائفي، بل وحتى الانقسام “الشللي”، المجهري الذي قضى، عمليًّا، على وظائف المنظمات الإقليمية التي كانت تلعب أدوارًا تقريبية لعقود، كما كانت هي حال “بيت العرب”، “جامعة الدول العربية” التي راحت تنخرها الانقسامات والتكتلات، بعد خسارة الدولة السورية، حتى أضحت عامل تفتت بدلًا من أن تكون عامل جمع واتحاد، للأسف الشديد.

إن أية متابعة فطنة ودقيقة لما يجري في العراق اليوم. إنما تؤشر ما أذهب إليه في أعلاه عندما ألاحظ بأن المسؤولين الأتراك والإيرانيين عندما يتصافحون أمام الكاميرات، فإنهم إنما يخفون خناجرهم خلف ظهورهم بقصد النيل من المقابل إن أتيحت الفرصة لذلك. علمًا أن الفرصة أضحت متاحة الآن ـ أكثر من أي وقت مضى كي تبدأ المنازلة عبر الإقليم الشاسع والغني الممتد بين الموصل وبغداد، أي بين الموالين لتركيا والمحاربين نيابة عنها، من ناحية؛ وبين الموالين لإيران والمقاتلين نيابة عنها، من الناحية الثانية.

هكذا يعيد التاريخ نفسه اعتمادًا على الانقسام الطائفي، وعلى نحو يذكرنا (بدقة مدهشة) بالعلاقات المتنافرة بين الدولة العثمانية (الأستانة)، وبين الدولة الصفوية (أصفهان ثم طهران). بقيت العلاقات بين الامبراطوريتين أعلاه قائمة عبر تبادل السفارات وتواصل البلاطات، إلا أن ذلك الود المزيف لم يكن ليبدي أية رحمة بأهل العراق المساكين الذين وجدوا أنفسهم بين المطرقة التركية والسندان الإيراني. وهكذا، راح هؤلاء المساكين يقدمون أنفسهم ضحايا على مذبح التضحية بين دولتين كبريين لا شأن لهما بتقدم أو برفاه العراقيين، بل باستغفالهم والتضحية بهم عبر صراعاتهما البينية، درجة أن يقاتل العراقي العراقي، فيزوق الضابط التركي، أو الإيراني بالأوسمة والنياشين هناك، في الأستانة أو في طهران.
لست أزعم بأني أكشف عن حقيقة جديدة، رغم مرارتها، في هذا الجدل بقدر ما أزعم أن التاريخ إنما يعيد نفسه رضوخًا وتناغمًا مع حركته الدورية التي دلت (بما لا يقبل الشك) بأن الغزو الأميركي للعراق جاء بعكس ما كانت واشنطن تتمناه من اعتماد بغداد مركزًا إقليميًّا قائدًا لحركة الأمركة والتأمرك عبر الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023