القسم : بوابة الحقيقة
وادي الملوك
نشر بتاريخ : 11/2/2020 2:51:36 PM
أ.د. ابراهيم صبيح

"اليوم هو السادس عشر من نوفمبر عام 1922 وهاأنذا أتجول في ردهات فندق وينتربالاس في مدينة الأقصر جنوب مصر، باحثاً عن الأرستقراطي البريطاني جورج هربرت المشهور باسم لورد كارنافون والذي يشرف على الحفريات الأثرية المصرية. وجدته يجلس على كرسيه المطل على النيل وهو يعتمر قبعته البريطانية العالية ويلبس بدلة من الصوف الإنجليزي الثقيل ويضع ساقاً فوق ساق فيلمع حذائه الأسود تحت أشعة الشمس. وقف اللورد كارنافون لمصافحتي فلاحظت ساعته الثمينة تتدلى بسوارها من جيب الصديري الذي يرتديه تحت البدلة. أخبرني كارنافون بأن مساعده عالم المصريات هوارد كارتر قد عثر على ما يمكن أن يكون قبر الفرعون توت عنخ آمون وأن كارتر قد أبرق إليه للقدوم من لندن وذلك حتى يتم فتح القبر بوجوده. طلب مني اللورد كارنافون ان ارافقه إلى وادي الملوك لحضور هذا الحدث الأثري الهام فوافقت مسروراً. نزلنا جميعا أنا وهو وزوجته الليدي هربرت والتي كانت تضع كل زينتها ومجوهراتها وتلبس لباس سهرة اسود براق، نزلنا درجات الفندق لنستقل قارباً صغيراً أخذنا إلى حيث المقبرة حيث تجمع الصحفيون والمصورون من وسائل الإعلام المحلية والعالمية. نزلنا اثنتي عشر درجة حجرية كانت مدفونة تحت الرمال ووصلنا إلى رواق طويل في نهايته جدار تم هدمه ومن ثم إلى رواق طويل آخر ينتهي بجدار كتب عليه قبر الملك توت وتحته كتب ما يلي:

 

"كل من يتجرأ على الدخول إلى قبر الملك توت عنخ آمون فسوف تحل عليه اللعنة أينما كان وستهاجمه التماسيح في الماء والعقارب والثعابين في اليابسة وسوف يدب الرعب في قلبه وسوف يأتيه الموت على أجنحة سريعة من مرض لن يعرف تشخيصه أي طبيب". تملك الخوف قلبي وأردت الخروج من هناك ولكن اللورد كارنافون أمسكني من ساعدي ومنعني من الخروج. قام كارتر بعمل فتحة بالجزء العلوي الأيسر من الجدار وقام بإشعال شمعة دسها في تلك الفتحة ونظر من خلالها فتأكد أننا في مقبرة الملك. تم هدم ذلك الجدار بالمعاول فتسرب غبار من المقبرة عمره ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة وطار خفاش من المقبرة إلى الخارج. عندما اعتدنا على الظلام الدامس استطعنا أن نرى مئاتٍ من التحف والتماثيل والقوارير وقطع الأثاث وكان كل شيء يغطيه لمعان الذهب الأصفر، أما مومياء الملك فقد كانت محفوظة في قبر حجري بداخله أربعة أكفان من خشب الأبنوس وبداخلها ثلاثة أكفان من الذهب الخالص. عندما قام كارنافون وكارتر بفك أربطة القماش من حول المومياء لاحظنا جميعاً قرحه بارزة على الخد الأيسر للملك.. تخيلت كل ما سبق وأنا أقف أمام الصندوق الزجاجي الذي يضم القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون أثناء زيارتي للمتحف المصري في ميدان التحرير بالقاهرة. علمت فيما بعد أن العديد من الذين حضروا اكتشاف القبر قد أصابتهم مصيبة من نوع ما. المليونير جولد أحد ممولي الحملة الأثرية أصابته حمى غامضة ومات بعد عشر ساعات. أرثر ميس عالم الآثار دخل هو الآخر في غيبوبة لم يعلم أحد سببها ومات خلال أسبوع.

المصور ارشيبالد شعر بإجهاد شديد فتم إرساله إلى إنجلترا حيث مات هناك عند رسو السفينة التي أقلته من مصر. أما عالم المصريات ويستبري فقد رجع إلى بريطانيا حيث إنتحر هناك بالقفر من سطح بناية عالية تاركاً رسالة كتب فيها "لم أعد أحتمل الرعب الذي أراه كل ليلة. أريد الخروج من هذه الحياة بسرعة". قرأت كذلك بأن اللورد كارنافون أصيب بلدغة بعوضة في خده الأيسر فالتهبت وتقرحت ثم أصابته حمى شديدة فنقل إلى القاهرة على وجه السرعة وتم استدعاء كبار الأطباء البريطانيين الذين فشلوا في تشخيص حالته وعلاجه فمات بعد مرور أربعة شهور على اكتشاف القبر. بعد ذلك بشهر توفيت سكرتيرة كارنافون ووالدها في ظروف غامضة وإحترق بيت مساعده. أما في منزل كارتر فقد التهمت أفعى كوبرا عصفور الكناري وتكومت في قفصه وفي فمها بعض الريش الأصفر. توفي كارتر بسرطان الليمفوما بعد عدة سنوات من المعاناة. لا يزال توت عنخ آمون يرقد في قبره في وادي الملوك ولازلت أحمد الله أنني لم أكن معهم عند اكتشاف القبر.

 

Email:  ibrahimsbeihaz@gmail.com

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023