الجيش: إحباط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة ديوان أبناء الكرك /عمان يهنىء جلالة الملك وولي عهده الأمين بذكرى المولد النبوي الشريف نشامى الأولمبي يكتسح بوتان بـ11 هدفًا في التصفيات الآسيوية الاردن يدين الاعتداء " الإسرائيلي" على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان وزارة الشباب وسلطة إقليم البترا توقعان اتفاقية لإنشاء ملعب خماسي في دلاغة جلسة حوارية حول خدمة العلم كواجب وطني إغلاق جزئي لطريق إربد - عمان يوم الجمعة وثيقة شرف مجتمعية تهدف إلى مكافحة السلوكيات السلبية في لواء المعراض بعد الإعلان عن دوريات نجدة نسائية .. رصد دوريات سير وشرطة نسائية في عمّان ليست السمنة وحدها.. سبب آخر لشيخوخة القلب التسعيرة المسائية .. ارتفاع أسعار الذهب 40 قرشًا أوقاف المفرق تكرم أوائل الطلبة في المراكز الصيفية لتحفيظ القرآن الكريم بحث عالمي صادم: منحنى السعادة ينقلب رأساً على عقب.. ووباء اليأس يضرب الشباب بعبارة واحدة.. صلاح يرد على تقليل بعض المشجعين شأن زملائه السابقين في ليفربول و"تمجيد" إيزاك وفيرتز برشلونة يكشف طبيعة إصابة لاعبه بالدي
القسم : بوابة الحقيقة
زغرودة
نشر بتاريخ : 8/23/2020 6:30:46 PM
أ.د. ابراهيم صبيح


د. إبراهيم صبيح

 

كنت خارج البلاد عندما وردني نبأ وفاتك فرجعت في اليوم التالي لأقابل جثمانك المسجي بالمسجد للصلاة عليه.

 

كانت عيناك لا تزال مفتوحتان وكأنك تنتظرين عودتي من السفر. ماذا لو أن القدر أتاح لي أن أكون معك لبضع دقائق قبل وفاتك. أتعرفين ماذا كنت سأفعل؟ كنت سأضع باطن يديك على وجهي وأشمهما فلطالما داعبتا شعري وأنا أغفو باطمئنان في حضنك الدافئ. كنت سأنظر إلى الأوردة التي تظهر كعروق زرقاء في ظاهر يديك وأقبلها. تذكرين أنك فقدت جزئاً من إصبع في يدك اليسرى نتيجة حادث قديم . كانت يدك بأربع أصابع ونصف ولكنها كانت أجمل يد في الدنيا. أستطيع أن أرى أن عضلات ذراعيك ضامرة وضعيفة. هل تذكرين آخر مرة وضعت لك محلول الجلوكوز في أوردتك. شعرت أنت بالألم وسحبت ذراعك ونظرت لي بعينين عاتبتين فأحسست وكأن خنجراً غرس في قلبي. آه لو تعلمين كم أحبك. أنا أعرف أنك ستغادرين هذه الحياة الدنيا بعد لحظات قليلة فدعيني أطمئنك إلى أنني سأحمل ذكراك في قلبي وفي عقلي ما حييت. سأظل أخبر أبنائي كم كنت عظيمة وحانية ورائعة. أتعلمين أنني لن أتناول يوماً طعاماً شهياً كطعامك ولن أتذوق شاياً مثل شايك الذي كنت تصنعين. دعيني أطمئنك أنني سوف أزور قبرك تحت الشجرة على تلك الربوة في صويلح وأنا ذاهب إلى عملي في الصباح وعند عودتي إلى المنزل في المساء. ربما لا تعلمين أنني اخترت لك تلك المقبرة حتى تكوني على مرأى البصر من منزلي الذي دخلته انت مرة واحدة عندما كانت صحتك في تدهور وذاكرتك تخبو. قلت لي "جعل الله هذا المنزل لك ولأولادك من بعدك". أريدك أن تعرفي أن الله يحبك فقد استجاب لكل دعواتك وحقق لك أمانيك. كنت تقولين لي "جعل الله لك في كل خطوة رفيق وفي كل سفرة صديق وحبب الله بك كل المخاليق" لقد عشت أنا في ثراء تلك الدعوات. هل تسمحين لي بتقبيل قدميك. ها قد قبلتهما فقد حملتاني صغيراً وأخذتاني قريباً وبعيداً ووقفتا لغسل ملابسي و إطعامي.

 

 ما أجمل رائحة عطرك في قارورته العميقة الزرقة. كم أحب رائحته ورائحتك ورائحة منديلك وفستانك ومعطف الفراء الذي كنت ترتدين. شدي على يدى. أنظري إلى وحدثيني ولا تقولي شيئاً. فقط حدثيني ودعيني أنظر إلى عينيك الجميلتين وأنفك والسن الذهبي في ثغرك الذي أبدع الله في خلقه. أتذكرين عندما قلت لي عند ظهور علاماتي في امتحان الدراسة الثانوية: سوف تدرس الطب حتى تساعد الناس وحتى أفتخر بك وأقول أنا أم الدكتور. ابتسامتك تلك كانت حافزاً لي على النجاح والتفوق. لا بد أنك تذكرين عندما سافرنا من لندن بالقطار لحضور حفل تخرجي في أدنبرة وشرحت لك تفاصيل مراسم الاحتفال الذي سيتم في اليوم التالي. حذرتك من مغبة أن تأخذك الحمية فتقومين بالزغردة فالأجانب لا يفهمون معناها ومغزاها وقد يظنوها نوعاً من الهمجية. وعدتني خيراً. وقفت أنا لكي أتلو قسم التخرج وما أن انتهيت حتى انطلقت الزغرودة من فمك فتمنيت للحظة أن تنشق الأرض وتبلعني فها هي والدتي تقوم بالزغردة أمام رئيس وأعضاء كلية الجراحين الملكية البريطانية وأمام مئات المدعوين. فوجئت أنا عندما رأيت جميع الحضور، أساتذةً وطلاباً وأقارب، يصفقون لك وقوفاً لمدة خمسة دقائق. كم كان منظرك رائعاً بثوبك الأزرق الطويل ورأسك المرفوع إلى الأعلى وصدرك المدفوع إلى الأمام بكل الفخر والاعتزاز. سأظل أذكر تلك الزغرودة وسأظل أحبك ولن أنساك حتى ألقاك مرة أخرى. وداعاً يا قطعة من روحي". وداعاً يا أمي.

Email:  [email protected]

  

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2025