"مرض قاتل" ينتشر في ولاية أمريكية ويهدد حياة البشر بعد وصول مغامر بريطاني لأقصى نقطة في إفريقيا ركضا.. خبراء يوضحون ما يفعله الجري بالجسم "الديناصور" الهندي.. هل يسرح في الطبيعة حقا أم في مخيلة البشر؟ هل تغلب ريال مدريد على مان سيتي بالحظ؟.. غوارديولا ينهي الجدل أراوخو يرد على انتقادات غوندوغان لأدائه في لقاء سان جيرمان 4 من دولة واحدة.. 5 نجوم عرب في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا رئيس الأركان الجزائري: بلادنا في أشد الحرص على قرارها السيادي تونس.. القبض على إرهابي مصنف بأنه "خطير جدا" الناطق باسم اليونيفيل: القوة الأممية المؤقتة في لبنان محايدة ولا تقوم بأنشطة مراقبة ولا تدعم أي طرف اتفاق سوري عراقي إيراني لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب ماكرون يرفض الاتهامات بازدواجية المعايير بسبب زيادة مشتريات فرنسا من الغاز الروسي بينهم محكوم عليهم بالإعدام.. رئيس زيمبابوي يعفو عن آلاف السجناء بمناسبة عيد الاستقلال بروكسل تعتزم استثمار نحو 3 مليارات يورو من الفوائد على الأصول الروسية المجمدة في دعم أوكرانيا القوات الجوية الروسية تدمر 5 قواعد للمسلحين في محافظة حمص السورية الصفدي يبحث مع رئيسة اللجنة الدولية للصليب وجهود إيصال المساعدات لغزة

القسم : بوابة الحقيقة
شيطنة "الحريم" في ألف ليلة وليلة
نشر بتاريخ : 11/11/2019 5:56:13 PM
أ.د. محمد الدعمي

في سياق تأليفي، الجاري الآن، لكتابي الجديد الموسوم The Harem in the Colonizers’ Eyes، أي: “الحريم” في أعين المستعمر، اعتمدت افتراضية أساس، مفادها هو أن تشويه المرأة المسلمة وحرف صورة وجودها الاجتماعي في الثقافة الغربية إنما يضرب بجذوره عميقا في تربة العصر الوسيط أي على سنوات الاستقبال الغربي المبكر لظهور دين الإسلام. علما أن هذه هي ذات المرحلة التي شهدت حملة التشويه الشعواء الأساس التي استعرت على أيدي الكتاب الاكليريكيين في أوروبا، جزءا من موجة دعائية لمقاومة بدايات الفتوحات الإسلامية التي اقتطعت حوالي خمس ما كان يسمى بــ”العالم المسيحي” خلال بضعة عقود فقط.

وإذا ما كانت كتابات هؤلاء الكتاب مرآةً للجهل “بالدين الجديد”، كما كانوا يسمون الإسلام، بل وحتى بالعرب، فإن على المؤرخ وناقد الاستشراق (من أمثالي) أن يتكئ يرتكن واثقا إلى أن أولى النقاط التي استهدف المؤلفون الأوروبيون أعلاه مهاجمتها إنما كانت تركز على أوضاع المرأة في الإسلام، وذلك انطلاقا من الاعتقاد الخاطئ بأن إجازة “تعدد الزوجات” إنما هو شكل من أشكال الاستهانة والإقلال من شأن المرأة، على سبيل خدمة نزوات الرجال وشهواتهم.

وقد تواصل هذا النوع من التشويه والحرف والليّ لقرون متتابعة، درجة استعارة اللغات الأوروبية لفظ “الحريم” Hareem أو Harem العربي في هذه اللغات وثقافاتها الشائعة كي يتم “أثقالها” على نحو عدائي، فيما بعد، أي إثقالها بكل ما من شأنه المزيد من الليّ والتشويه نزولا حتى عصر ترجمة حكايات (ألف ليلة وليلة)، الأكثر شهرة هناك بعنوان (الليالي العربية) The Arabian Nights، حيث تعد هذه الحكايات نقطة مفصلية في حملة تشويه الإسلام والإساءة في تصوير أحوال النسوة في مجتمعات هذا الدين الحنيف. بل، وقد عدت الحكاية التأطيرية الأساس (أي حكاية شهرزاد وشهريار) التي تنشطر إلى حكايات أصغر على نحو عنقودي، نقول عدت كحكاية تؤكد وتوثق فكرة استغلال المرأة وعدم الاهتمام بمصيرها، ناهيك عن صورة “المرأة المسلمة” (الداهية) القادرة على المناورة للنجاة بحياتها من نزوات ونزق سيدها الدموي، شهريار، ذلك الرجل المزاجي الذي يعاني من شكل من أشكال “العصاب” المرضي، حسب منظوراتنا الحديثة اليوم.

لقد استحالت قصص ومغامرات حكايات (الليالي) إلى شيء أشبه ما يكون بالأدب الفلكلوري الطريف الذي لا يخلو من “الإباحية” الممتعة بالنسبة لفئة كبيرة من شبيبة تلك العصور في أوروبا، بل وحتى من كبار أدبائها، خصوصا وأن تصوير المرأة المسلمة أضحى أقرب إلى تصوير المرأة التي يستعصي تلبية رغباتها، تجسيد زيادة على قدرتها الفائقة على الإفلات الزئبقي (في الحكايات) من رقابة الأب أو الأخ أو حتى الابن الأسمر القاسي الذي غالبا ما يحاول فرض سلطته عليها. وهكذا لعبت الحال أعلاه دورا كبيرا للإيحاء للقارئ الغربي عامة بأن “الحريم” قادرات على الحيلة والمناورة وعلى استغفال هؤلاء الذين يشتغلونها ويضغطون عليها، حتى ليشعر المرء بأن العقل الذكوري الغربي قد عمد إلى “شيطنة المرأة” المسلمة البغدادية والبصرية والقاهرية والأصفهانية على سبيل توظيفها للمزيد من “الإثارة” والجذب في الثقافة الغربية!

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023