مدعوون للمقابلات الشخصية في وزارة التربية - أسماء نصراوين: حلّ مجلس النواب قد يكون منتصف تموز المقبل مشاركة عزاء بوفاة الحاج وليد حسن عبد الكريم ديريه الحاج وليد حسن عبد الكريم ديريه في ذمة الله إحباط تهريب 700 ألف كبسولة مكملات غذائية "مخزنة بظروف غير صحية" أسعار الذهب في الأردن الصبيحي : بداية مرحلة مؤلمة في مسيرة الحماية الاجتماعية يُشكّل لطمة مع دخول العدوان يومه الـ202: شهداء وجرحى بقصف الاحتلال المتواصل على غزة مئات المستعمرين يقتحمون الأقصى بالتزامن مع “عيد الفصح” اليهودي الأردن يسير قافلة مساعدات جديدة إلى غزة مكونة من 115 شاحنة 114 دعوى سُجلت لدى وحدة سلطة الأجور في وزارة العمل في الربع الأول من 2024 شهيد في رام الله واقتحامات جديدة في الضفة الغربية الحرارة أعلى من معدلاتها بـ 12 درجة اليوم غضب وعمليات توقيف في جامعات أميركية على وقع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين الصين تحذر من أن الدعم العسكري الأميركي لتايوان يزيد من "خطر حصول نزاع"

القسم : بوابة الحقيقة
مأساة شرارة
نشر بتاريخ : 6/3/2019 6:19:21 PM
أ.د. محمد الدعمي

ثمة قصة هزت كياني وآلمتني كثيرا، أود تعريف القرّاء الأعزاء بها. بدأت يوم سمعت بوفاة زميلتي الأستاذة الدكتورة “حياة شرارة” سنة 1997. وإذا لم تكن مأساة شرارة بمفاجئة على المتابعين والعاملين بكليتنا آنذاك (كلية اللغات بجامعة بغداد)، إلا أنها أطلقت تيارا من الاستذكارات والارتجاعات في دخيلتي: إذ طالما ألقيت على الأستاذة حياة الشرارة التحية مشفوعة بوصف “حمامة السلام”، كلما صادفتها في إحدى باحات أو ممرات الكلية، فما كان منها إلا أن تبتسم بفتور بطريقة توافق الوصف وهي تسعى إلى حيث تريد بقوامها النحيف. إلا أني كنت على ثقة بما كان يعتمل في دواخلها من آلام مبرحة وتفاعلات ساخنة عكست بمجموعها ما قاسته هذه الذهنية الفطنة من تضييق وتجاوزات مذ اضطرت إلى الخروج من النجف الأشرف مع عائلتها للاستقرار في بغداد. وكذلك منذ ما قاساه والدها المتفتح من مضايقات البوليس السري حتى ذهبت إلى موسكو لدراسة الدكتوراه ثم كتابة أطروحتها الموسومة “تولستوي إنسانا”، وبعد ذلك انتظامها بالعمل في القسم العربي لوكالة “تاس” السوفييتية، وهو العمل الذي زاد من طول بقائها تحت المجهر الحكومي فيما بعد، خشية الدعاية السياسية اليسارية المضادة للسلطات آنذاك.

هي كانت تدرك بأنها ليست هدف تلصص الجواسيس الحكوميين المحترفين أينما ذهبت، بل كانت تعرف جيدا أن الصفوف الدراسية التي كانت تلقي بها محاضراتها في الأدب واللغة الروسية إنما كانت ملغومة بالطلاب (الوكلاء) أي من وكلاء الدوائر الأمنية التي تطالب هؤلاء الطلاب بالتقارير المتواترة عن كل أستاذ جامعي، خصوصا إذا كان الأستاذ المعني ذا سمعة “معارضة”، أي من نوع المغفور لها شرارة. وإذا كانت جذور أسرة شرارة تضرب بعيدا عن بغداد في لبنان، فإنها أبت أن تترك العراق برغم تعرضها للمضايقات أعلاه حد التيئيس وحد إلقاء زوجها في غياهب السجون على ثمانينيات القرن الماضي، تاركا عليها أعباء ابنيتها الكبرى والصغرى، الأمر الذي قادها إلى حال من السوداوية والشعور بالاضطهاد واليأس.

ومع ذلك أبت هذه المرأة الذكية أن تغادر الحياة دون رواية بعنوان (إذا الحياة أغسقت)، عاكسة ما قاسته من ظلم وجور حد اضطرارها للانتحار جماعيا مع ابنتيها في عملية مخططة، لا تقبل الخطأ أو السهو: إذ جلست هي أولا إلى مائدة الإفطار في المطبخ ثم تلتها ابنتاها المسكينتان (عن قناعة) بعد غلق كافة منافذ المطبخ، ثم لتفتح أنبوب الغاز في انتظار حضور المنية. توفيت شرارة مع ابنتها الكبرى، إلا أن ابنتها الصغرى كانت قد نجت مصادفة وهي تنازع الموت في ذات المكان، ربما لتحكي حكاية مآسي المناضلين من أجل الحرية في عالم ظالم!

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023