القسم : بوابة الحقيقة
الجهــل الإعلامــي.. والموت البطيء!
نشر بتاريخ : 10/18/2018 8:35:03 PM
عصمت الطاهات

كل الأردنيين في هذا البلد او خارجه يتابعون القنوات الفضائية المنتشرة في سماوات الكون  ويتابعوا فيها كل ما ينشر من اخبار وبرامج وصور مختلفة ، حتى برامج الشفاء بالسحر والشعوّذة والدجل وبرامج التنبيه من تعاطي المخدرات والسموم والويلات، ولن ننسى برامج الحوارات الكاذبة المقتبسة عن برنامج " الإتجاه المعاكس " والتي اصبحنا نشهد فيها الضرب والإهانات والشتم والتجريح وكل انواع التطاول ، وافتقدنا فيها لغة الحوار المؤدب والتواصل الأخلاقي وفن الحديث .

 وانا اليوم اقوم بتنبيه جميع الاردنيين أن يتعاملوا مع ما يتعاطون بوعي حتى لا يقتلهم ما يتعاطوه إذا كان سما إعلاميا، ونحذرهم ايضا من تعاطى معظم ما تبثه لهم القنوات الفضائية - وأنا لا لم أقصد قناة بعينها - وإنما أعنى كل القنوات التي تقوم بالتخديم على مصالحها الشخصية ومصالح من تلعب لصالحهم فقط دون الوضع في الاعتبار مصلحة الوطن أو المواطنين الذين تلعب بعقولهم ومشاعرهم وتؤججها من أجل استنفارهم.

وللأسف إن هذه القنوات السامة سيطرت على عقول الناس البسيطة التي يشتعل حماسها بمجرد الضغط على زر الحماس بداخلهم بلا وعى ودون أن يكلفوا خاطرهم بالتوقف أمام هذه المعلومات التي يستقبلونها ليدخلوها فرازة العقل لتنقية الغث من السمين.

اللعب على أوتار مشاعر الناس يعد جريمة أخلاقية قبل أن تكون جريمة مهنية فالناس في هذه الحالة لا يملكون سوى لغة الإستغراب، يرددون ما يُملى عليهم دون التفكير فيه فمن أين يأتي التفكير والبعض منهم بلا خلفية ثقافية للوعي مجتمعي؟ وهذه القنوات تستغل الفرصة لدس السم في العسل، هذا هو منطق هذه القنوات، فالإعلام الآن لم يعد لديه خريطة محددة لتطبيقها وهنا أقصد الإعلام الخاص قبل الإعلام العام ونظرية الاستسهال أصبحت هي المسيطرة على كل هذه القنوات اللهم باستثناء القليل منها هي التي تتعب بالفعل على شغلها والباقين مجرد تحصيل حاصل، فنجد الضيف الذي يظهر في قناة يتم تداوله بنظام «كعب داير» على بقية القنوات وهو ما يمثل اتجاها سلبيا لثلاثة أسباب:

السبب الأول: إصابة الناس بالملل من هذه الشخصيات المتكررة التي يكره النظر إليها ففي حال تكرار ظهورها فتدار المؤشرات عنهم.

السبب الثاني: أن هذه الشخصيات من كثرة ما تتحدث لن تجد لديها الجديد الذى تقوله ويتكرر كلامها ولكن ففي هذه الحالة التكرار لا يعلم الشطار بل يزهق الشطار ويجعلهم ينصرفون عن أصحاب الكلام المكرر.

السبب الأخير: أن معظم هؤلاء الضيوف يتلذذون بسكب البنزين على النار من باب الترويج لأنفسهم وللقناة التي تستضيفهم وبناء على تعليمات القائمين عليها وجذب الانتباه إليهم وهم ففي الحقيقة لا يؤمنون بما يقولونه حيث إن التاريخ سبق أن سجل لمعظمهم كلاما مغايرا تماما لما يقولونه ولكن للأسف حماس اللحظة والركوب على أكتاف الحدث مهما كان هذا الحدث هو الذى يدفعهم لهذا التلون ويساعدهم على ذلك المذيعون المتلونون الذين يصحبونهم معهم حسب تيارات أهوائهم وكأن المبادئ مجموعة من البدل أو الفساتين التي نعلقها في الدواليب نختار منها حسب متطلبات اللحظة

التضليل هو التضليل الذي مازال يسيطر على أجهزة الإعلام الخاصة والعامة وإذا كان الإعلام الخاص مازال يتعامل مع أجنداته الخاصة والتي سبق أن أعلنت عن نفسها في فترات سابقة فلماذا إذا نلوم على الإعلام العام الذى تكمن أجنداته في حماية البلد من الغليان والفوران. من السهل أن تخدع الناس وأنت تشعرهم أنك تدافع عنهم وأنهم همك الأول وهو ما تفعله القنوات الخاصة ومن الصعب أيضا أن تكون مهادنا مغيبا إلى أبعد الحدود وهو ما تفعله القنوات العامة والحل فوضى إعلامية وسم قاتل في إعلامنا سواء الخاص أو العام.

نريد إعلام للبناء وليس للهدم، إعلام صادق وليس منافقا، إعلام محترم وليس قائما على التسول والتربح بطرق غير مشروعة ومصطنعــة وفاضحة.

الإعلام إن لم يكن محايدا فليذهب هو إلى الجحيم، وللأسف كثير من الإعلاميين لم يعودوا محايدين فيما يقولون لأن معظمهم «على رأسه بطحة».

المحاولات الكاذبة لكل هؤلاء لم تعد تستطيع أن تقنع الناس بما يقدمون لأن الناس اكتشفت خداعهم بعد أن نفد رصيدهم وهم الآن يلعبون في الوقت الضائع بعد أن سقطت أقنعتهم ولكن للأسف بعد أن صدروا لنا إعلاما جاهل معيب.. فيه موت بطيء. 



جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023