القسم : مقالات مختاره
حين تنتصر أنانيتنا يخسر الوطن..!
نشر بتاريخ : 10/6/2016 6:34:38 PM
حسين الرواشدة



حسين الرواشدة

1 - اسوأ ما يمكن ان تقدمه لمن تحبه ان تغشه وتخدعه ، او ان تزين له الصورة وتهوّن امامه من قيمة الحدث ، انت -حينئذ - لا تحبه على الحقيقة وانما تحب نفسك ، وتبحث عن مصلحتك ، وتنحاز الى انانيتك ، وتمارس دور “شاهد الزور”.

2 - نريد ان نصارح الذين اخذتهم شهوة الفرح بالمنصب والمكافأة ، والاخرين الذين اختزلوا البلد في ذواتهم ومصالحهم والقريبين منهم : هذا الوطن لنا جميعا ، نحن المعلمين والفلاحين والعمال والعسكر ، بنيناه وضحينا من اجله ، وانتم قطفتم الثمرة فلا تستأثروا بها ، اتركوا لنا احلامنا بالحرية والكرامة ، دعونا نحب بلدنا على طريقتنا ، دعونا نحميه دون ان تتهمونا بالخروج من  الملة  الوطنية ، املأوا جيوبكم مثلما تشاؤون ، لكن حذار ان تتعاملوا معنا بمنطق الاستعلاء والاستهبال فنحن ، الناس ، اذكى مما تتصورون ، واقدر على الدفاع عن انفسنا مما تتوقعون.

3 - في لحظة ما يخرج من بين “ارتال” الكذب و الفساد والاستبداد صوت الناس ، هذا العابر لمقولات النخب والاحزاب ، المتجاوز لمنطق التزيين والتهوين والتنويم ، المتصالح مع حجم الازمات والاخطار ، يخرج ليقول كلمته ، وهي اصدق من كل ما يمكن للمسؤول ان يسمعه من المحيطين به ، وانقى من كل ما تلوكه وسائل الإعلام التي استمرأت المداهنة في تلك اللحظة فقط تدق ساعة الامتحان وتنكشف الحجب المستورة وتتبدد الخيارات ما عدا خيارا واحدا: خيار الناس الذي لا يكذب .. لا يكذب ابدا.

4 - اسوأ ما يمكن ان يصيب المجتمعات هو ان تتغلغل داخلها صرخة  من انتم؟  ليس لانها تضمر قسوة في التصنيف واستهانة بالآخر واستعلاء في التعامل معه، وتختزل نزعة  تمجيدية  لا ترى من خلالها الذات الا نفسها، وانما –ايضا- لانها افضل وصفة لاغراق المجتمع في  الفردانية  والانتهازية، ودفعه الى الانقسام والصدام، وشحنه  بالثنائيات  القاتلة، وتجريده من قيم التكافل والتضامن والاخوة والعدالة.

5 - ارجوان لا تأخذنا اصوات وصرخات  الحمقى الذين يسيؤون الى مقدساتنا الدينية والوطنية لمزيد من العبث والجنون ، يكفي ان نحاسبهم ونقول لهم : انتم لا تمثلون الا انفسكم المجروحة بالعقد والامراض النفسية، اما مجتمعنا بكافة مكوناته فما زال يتمتع بالعافية والسماحة والمحبة ايضا.

6 - مثلما نقول لمن يعمل على تحشيد الشارع: انت مخطىء، يجب ان نقول للمسؤول الذي يدفع الناس “من خلال اصدار قرارات غير مدروسة” الى الجدار: انت مخطىء أيضا، ونقول للذين يذهبون الى تخوين الاخرين والتشكيك في نواياهم وتجربتهم والتأليب ضدهم: انتم مخطئون ايضا.

7 - دائرة الوطنية مثل دائرة الدين ، لا يجوز لاحد ان يخرجك منها الا اذا ثبت عليك دليل الكفر والاعتداء ، من يكفر بالوطن ليس الذين يسعون الى بنائه واصلاحه ، ويعملون من اجل الصالح العام والخير العام ،وانما الذين يسرقون خيراته ، ويقايضون محبته بما لذّ وطاب ، ويرجمونه بحجارتهم حين تنفضّ موالد الغنائم ولا يجدون لهم فيها نصيب.

9 - لا بد اليوم ان نصارح انفسنا :من هو الاردني ومن هو الوطني ،وما هي الوطنية التي نريدها،من هو المواطن الجيد ومن هو الانسان القادر على ترجمة هذه القيم والمفاهيم بعيدا عن الالوان والاجناس والاختلاف في الافكار والاديان والمذاهب السياسية، هذه بالطبع مشكلة النخب فالناس الذي اجتمعوا على مصاهرات النسب وتوحدوا على مبادئ الخؤولة والعمومة لا تشغلهم مثل هذه التقسيمات والاستقواءات ، وهي ايضا مشكلتنا مع السياسة التي ما تزال غارقة في لغة الاستبعاد والاقصاء ، ومشكلتنا ايضا في تقديم  منطق الهدم على منطق البناء واستسهال الكلام على حساب العمل ، وما لم نخرج من هذه العطالة السياسية التي اورثتنا ما نعانيه من انسدادات وازمات فان اوهاما كثيرة ستبقى تطاردنا ،ليس فقط (وهم الوطن البديل )،وانما ايضا اوهام العدالة والديمقراطية التي ما تزال تشكل طموحات الاغلبية في المجتمع فيما هي  لدى البعض مجرد احساس مفزع بسبب اعتقادهم بانها ستجردهم من امتيازاتهم او تكشف اخطاءهم او تطردهم خارج الحلبة.

10 - من سوء حظ الشعوب العربية انها دائما تدفع الثمن: ثمن استبداد السياسي وفساده وقمعه وثمن  انتهازية  المثقف وتحولاته المخجلة لكنها في لحظة ما تنتهبه الى  السياسي  فتطالب باسقاطه او حتى باصلاحه، وهو – ايضا- يبدو مكشوفا امامها وتمارس –غالبا- نقدها القاسي تجاهه، فيما تغض الطرف عن  فساد  المثقف واكاذيب البطل وتخجل من ان تضع اصابعها في  عينيه  لتقول له انت شريك في الجريمة او جزء من المشكلة، ثم تقيم له –كما تقيم للسياسي- موازين العدالة لتصدر احكامها عليه

11 - لا يسعدنا أبداً أن تنتصر أنانيتنا ويخسر الوطن، أو أن نكسب مواقعنا وامتيازاتنا ويفقد شاب واحد في بلدنا ما تبقى لديه من أمل.. أو ينام وهو مظلوم.. أو يحزم حقائبه للهجرة.. أو أن يتحسر على حلم جاء ثم تبخر.

عن الدستور

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023