وفيات من الاردن وفلسطين اليوم الخميس 25 -4 -2024 اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات الجامعة العربية تدعو العالم للاعتراف بدولة فلسطين لإنقاذ فرص السلام روسيا تمنع تمرير مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن الدولي حول عدم نشر الأسلحة النووية في الفضاء القسام: استدرجنا قوتين صهيونيتين واوقعناهم بكميني ألغام " البلقاء التطبيقية" تقر خطة النشاطات الرياضية للفصل الثاني 3 وفيات جراء حادث سير مروع بوادي موسى - فيديو "البدور والنوايسة": سيكون هناك 'غربلة ' للأحزاب ولا يمكن إيقاف "الانتخابات" لأنها غير جاهزة نقل نجم المنتخب الأرجنتيني السابق إلى المستشفى قانون التنمية الاجتماعية يدخل حيز التنفيذ من هولندا.. تقرير يشير إلى بديل محتمل لكلوب مدير الدفاع المدني: "سواعد النشامى" محاكاة لتهديدات التغيرات المناخية مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي عشريتي الظهراوي والنعيمات أرباح "تسلا" تهبط 55% في الربع الأول من العام الملك ينبه من خطورة التصعيد في المنطقة

القسم : بوابة الحقيقة
ما أسباب ومديات الانقسام في أميركا
نشر بتاريخ : 5/19/2018 1:55:51 PM
أ.د. محمد الدعمي


بقلم: أ.د. محمد الدعمي

”.. إذا كان إصرار الرئيس ترامب على بناء سور عظيم للفصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، على سبيل إيقاف الهجرة غير الشرعية إلى أميركا من قبل المكسيكيين، قد أيقظ ذات النعرة العنصرية الكريهة المنتشية الآن بين “أصحاب الرقاب الحمر”، أي الشقر البيض، فإن عواطف الضغينة والكراهية آخذة بالتزايد بين أفراد الجماعات السكانية الأخرى المتنوعة.”

لا يخفي نقاد المجتمع والمعلقون السياسيون الأميركيون قلقهم المتعاضم مما يطلقون عليه لفظ “الانقسام” داخل أميركا. بيد أن الطريف في هذه “الملهاة”، أي حال “الانقسام” هو أنهم ينحون بلائمته (إن وجد) على الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، شخصيا. وهم يبررون ذلك بأن انقسام أميركا على نفسها لم يكن بهذه الدرجة من الشدة والخطورة كما هي عليه الحال اليوم، أي قبل أن يصعد نجم ترامب عاليا منذ تنافسه على الانتخابات الرئاسية (2016) بدليل أنه هو شخصيا قد خدم في التسبب ببعض الشروخ وفي توسيعها، بالنظر لما قدمه من آراء استفزازية طوال الحملة الإنتخابية وبعدها، أي أثناء أكثر من سنة من ولايته حتى اللحظة.

وبطبيعة الحال، فإن أهم الانقسامات التي لم تزل أميركا لا تقوى على أن تبرأ منها هو الانقسام الإثني بين السود والبيض. ويذهب المعلقون إلى أن جميع الانقسامات والشروخ الأخرى (سياسية واجتماعية واقتصادية) إنما هي أصلا تضرب بجذورها عميقا في تربة الانقسام الإثني بسبب لون البشرة (أبيض وأسود). وهذا التعقيد يقوّض جهود المشرعين طوال عشرات السنين منذ إصدار التشريعات التي أزالت التمييز العنصري رسميا في أميركا، أي منذ ستينيات القرن الفائت، لذا فإن الموضوع يقض مضاجع الإدارة الأميركية القائمة اليوم والتي كان لها (وللرئيس ترامب شخصيا القدح المعلى في تسبيبها) أي في إيقاظ السرطان العنصري المميت.

ويبدو واضحا للمتابع الآن أن الرئيس ترامب قد أسهم شخصيا كذلك في إيقاظ الانقسام الطبقي (الصراع الطبقي، حسب تعبير الفيلسوف الألماني كارل ماركس وأتباعه) كذلك، ليس لأنه “ملياردير” من أصحاب الثروات الأسطورية، ولكن لأنه بقي يعمل (مع إدارته) على تعزيز وتوسيع الفجوة الفاصلة بين الأغنياء والفقراء، الأمر الذي لم يعد يدعو أحدا على الشك بعد أن أعلن “بشائره” بتخفيض الضرائب، بنسب عالية جدا لزملائه من أصحاب الملايين، وبنسب ضئيلة جدا (من نوع إسقاط فرض) للكادحين من الطبقتين الوسطى والعاملة، أي هؤلاء الذين لا يمكن أن يحيوا يوما واحدا (مع أسرهم) حال توقفهم عن العمل.

وإذا كان إصرار الرئيس ترامب على بناء سور عظيم للفصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، على سبيل إيقاف الهجرة غير الشرعية إلى أميركا من قبل المكسيكيين، قد أيقظ ذات النعرة العنصرية الكريهة المنتشية الآن بين “أصحاب الرقاب الحمر”، أي الشقر البيض، فإن عواطف الضغينة والكراهية آخذة بالتزايد بين أفراد الجماعات السكانية الأخرى المتنوعة، وبين البيض الذين يرمون إلى بلوغ حلم “أميركا شقراء”، حالها حال الدنمارك والنرويج وفنلندا. وهذا وتر حساس كان ترامب قد عزف عليه منذ بداية حملته الانتخابية أعلاه، 2016.

أما ما أقدم عليه ترامب من إعلانات خطيرة ضد المسلمين، زيادة على منع دخول أميركا من قبل مواطني عدد من الدول ذات الأغلبية المسلمة، فقد أدى إلى ارتفاع ألسنة حرائق والعواطف الطائفية (خاصة ضد المسلمين) في أميركا حدا يفوق ارتفاع ناطحات سحاب نيويورك، ناهيك عن إقدامه على ما لم يجرؤ رئيس أميركي سابق عليه، أي نقل سفارة بلاده إلى القدس.

والحقيقة هي أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يخفي سروره بما تسبب هو وسياساته به من انقسامات داخل المجتمع الأميركي، لأنه يعلن دائما بأن هذه “الخلافات” إنما تطربه وتشعره بالانتشاء بسبب ما تشكله من تحدٍّ، وكأنها تحرك مياها راكدة، بل إنه غالبا ما ينقلب في مثل هذه الموضوعات رأسا على عقب بين ليلة وضحاها، كما فعل حين أسمى الرئيس الكوري الشمالي بــ”رجل الصواريخ” Rocket Man، من بين عناوين ساخرة أخرى، إلا أنه قد عدل عن السخرية إلى المديح والإطراء الآن بعد إتمام الإعلان عن عقد إجتماعه المباشر مع الرئيس الكوري في سنغافورا يوم 12 يونيو القادم، فراح يكيل للرئيس الكوري بالمديح، ليس إعجابا بالرئيس الكوري كما يبدو، وإنما طمعا في تحقيق نزع السلاح النووي عبر شبه الجزيرة الكورية كي يتم اختياره، “صانعا للسلام”، لجائزة نوبل هذا العام.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023