القسم :
محلي - نافذة على الاردن
نشر بتاريخ :
06/10/2024
توقيت عمان - القدس
2:46:10 PM
الحقيقة الدولية - طالب مركز الفينيق
للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بضرورة إعادة النظر بالتعديلات الأخيرة المقترحة
على قانون العمل الأردني، لما لها من آثار وخيمة على معايير العمل اللائق.
وأكد المركز أن معايير العمل اللائق في
الأردن في تراجع مستمر في العديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية، وأن سوق العمل
الأردني ما يزال يُعاني من مشكلات واختلالات عديدة في مختلف مكوناته، بسبب
السياسات الحكومية التي طُبّقت خلال السنوات الماضية والتي اعتمدت سياسة إضعاف
شروط العمل بحجة دفع عملية الاقتصاد وتحفيز الاستثمار.
كما طالب المركز بضرورة رفع الحد
الأدنى للأجور البالغ 260 دينارا وبأثر رجعي وفقا للارتفاعات التي طرأت على معدلات
التضخم منذ آخر زيادة طرأت على الحد الأدنى للأجور في عام 2021، وبما يُمكّن
المواطنين من استيعاب آثار تلك الارتفاعات وتخفيف الأعباء عنهم.
جاء ذلك في ورقة موقف أصدرها مركز
الفينيق بمناسبة اليوم العالمي للعمل اللائق الذي يصادف السابع من تشرين أول من كل
عام.
وبينت الورقة أنه على الرغم من أن
المشروع المعدل لقانون العمل يحتوي على بعض التعديلات الإيجابية، إلا أن معظم
التعديلات المقترحة تعتبر سلبية وستشكل تراجعا إضافيا في معايير العمل اللائق.
وأوضحت الورقة أن التعديلات تضمنت
تكريسا لصلاحيات وزير العمل بتسفير أي عامل غير أردني يعمل دون تصريح عمل وفقا
للتشريعات النافذة، دون اللجوء الى السلطة القضائية.
وأكدت الورقة أنّ قرار التسفير يجب أن
تصدره جهة قضائية وليس من الوزير مباشرة باعتباره سلطة تنفيذية، لأنّ القضاء هو
صاحب السلطة في الحكم وإصدار القرار، والأقدر على اتخاذ قرارٍ يحمّل مسؤولية عدم
توفر تصريح عمل لمرتكبيه، سواء العامل أم صاحب العمل، ويضمن عدم تعرض العامل
للظلم.
وأوضحت الورقة أن العديد من العمال
الوافدين (المهاجرين) لا تجدد تصاريحهم بسبب أصحاب عملهم الذين لا يجددونها تهرباً
من دفع الرسوم المترتبة على ذلك، ما يضع العامل وحده عرضة لخطر التسفير بدون
الحصول على محاكمة عادلة تتقصى فيها الجهات القضائية حيال قيامه بالمخالفة أو
غيرها، ما يتطلب ضرورة اتخاذ إجراءات عادلة قبل اتخاذ قرار التسفير بحقه من عدمه.
وأشارت الورقة إلى أن التعديلات
المقترحة ستتجه أيضا إلى تكريس صلاحيات السلطة التنفيذية على حساب السلطة القضائية
في قضايا الفصل التعسفي للعمال، حيث سيتم إلغاء المادة (25) من القانون التي تحدد
مدة زمنية للعامل لرفع دعوى قضائية لدى المحكمة المختصة عند انهاء خدماته،
والمحددة ب 60 يوما من انهاء خدماته للاعتراض على انهاء خدماته، وحينها تقرر
المحكمة المختصة فيما إذا كان ذلك فصلا تعسفيا أم لا، واستبدالها بنظام يصدر لهذه
الغاية يُحدد الحالات التي يعتبر فيها الفصل تعسفيا، ويحدد أيضا استحقاقاتهم
وحقوقهم.
وأكدت الورقة أن إلغاء صلاحية السلطة
القضائية في حسم هذه القضايا، واستبدالها بالسلطة التنفيذية لتكون هي صاحبة
الصلاحية في تحديد حالات الفصل التعسفي، من شأنه أن يُخل بالتوازن بين مصالح طرفي
العلاقة في سوق العمل، ويعتبر تعديا واضحا على صلاحيات السلطة القضائية، حيث أن
وضع قضايا الفصل التعسفي في يد السلطة التنفيذية قد يُخضع كامل العملية لرغباتها
ومزاجيتها، ما سيؤدي الى التوسع في عمليات فصل العمال تعسفيا من أعمالهم ،
وبالتالي تفاقم معدلات البطالة، وهو ما يتعارض مع توجهات الدولة الأردنية حيال
ضمان تخفيض معدلات البطالة.
كما ستطرأ تعديلات على المادة التي
تحدد حالات فصل العامل دون إشعار، حيث سيتم تخفيض مدة تغيب العامل عن عمله دون سبب
مشروع لعشرة أيام متصلة أو متقطعة خلال سنة واحدة، علما أن القانون الحالي ينص على
مدة 20 يوما متقطعة خلال السنة الواحدة أو 10 أيام متتالية، وهو ما سيوسّع من
عمليات فصل العمّال، إذ أن هناك عمالا قد تكون لديهم ظروفا خاصة تضطرهم أحيانا إلى
التغيب عن العمل دون سبب مشروع.
وبينت الورقة أن التعديلات المقترحة
ستسمح لصاحب العمل الذي تقتضي ظروفه الاقتصادية أو الفنية تقليص حجم العمل أو
استبدال نظام إنتاج بآخر أو التوقف نهائيا عن العمل بإنهاء عقود عمل ما لا يزيد عن
15 بالمئة من عدد العاملين لديه ولمرة واحدة في السنة دون الرجوع إلى وزارة العمل،
حيث كانت في القانون الأصلي تُلزم صاحب العمل بإبلاغ الوزارة خطيا معززا بالأسباب
بذلك قبل اتخاذ أي إجراء بهذا الخصوص.
ونبهت الورقة إلى أن ذلك قد يفتح الباب
أمام توسيع عمليات إنهاء عقود العمل للعاملين في القطاع الخاص، ما سيزيد من معدلات
البطالة العالية أصلا والتي وصلت خلال الربع الثاني من العام 2024 الجاري (21.4)
بالمئة، لأن هؤلاء العمال سيكونون في سن يسمح لهم بالعمل والإنتاج لفترة أطول، مما
يزيد من المنافسة على الوظائف المتاحة في ظل قلة فرص العمل الجديدة.
كما تضمنت التعديلات المقترحة فرض قيود
على العاملين والعاملات في القطاع الخاص فيما يتعلق بالإجازة المرضية في المادة
(65) من القانون، بحيث سيصبح الطبيب مُحددا من قبل المنشأة بدلا من أن يكون
مُعتمدا فقط من قبل المنشأة كما في القانون الحالي.
ورأت الورقة أن إعطاء الصلاحية لأصحاب
العمل في تحديد الأطباء المعتمدين سيفرض قيودا على العاملين والعاملات، وقد
يُفقدهم أحيانا من التمتع بالإجازات المرضية، لأن الجهات الطبية التي ستحددها
المنشآت قد تكون بعيدة عن أماكن سكن العاملين والعاملات، ومن الممكن أن تكون في
محافظة أخرى غير المحافظة التي يسكن فيها العامل، وبالتالي سيكون من الصعب على
العمال الذهاب إليها، بدلا من أن يذهبوا إلى جهات طبية معتمدة من قبل المنشآت قد
تكون قريبة من أماكن سكنهم.
كذلك، ستطال التعديلات المقترحة الفقرة
(ج) من المادة (108)، حيث ستلغى صلاحيات المحكمة بالتدخل في حال تم فصل ممثل
لنقابة عمّالية عن العمل بسبب قيامه بممارسة النشاط النقابي، وسيتم اقتصار الفقرة
بأحقية العامل في المطالبة بكل عطل أو ضرر لحقه نتيجة أي إجراء اتخذ بحقه.
ونبّهت الورقة إلى أن إلغاء صلاحية
السلطة القضائية في حسم قضايا الفصل من العمل سيوسع من حالات فصل العمال الممثلين
لنقابات عمّالية، وسيقلّص من الدور النقابي (الضعيف أصلا) في الدفاع عن حقوق
ومصالح العاملين والعاملات. ويؤكد المرصد العمّالي في هذا المجال أن القضاء هو
صاحب السلطة في الحكم وإصدار القرارات في مثل هذه القضايا، والأقدر على اتخاذ
قرارٍ يحمّل الخطأ لمرتكبه ويضمن عدم تعرض العامل للظلم.
أما بخصوص التعديلات الإيجابية، أوضحت
الورقة أنها تتمثل في زيادة فترة إجازة الأمومة من 70 يوما إلى 90 يوما كما في
القطاع العام، وهذا يقضي على التمييز الذي حاصلا بين العاملين في القطاع العام
والخاص، وحظر فصل المرأة الحامل ولو كانت بالشهر الأول، وليس كما في القانون
الحالي الذي يحظر فصلها إذا كانت في الشهر السادس، إضافة إلى منح العامل أو
العاملة في القطاع الخاص إجازة مدفوعة الأجر مدتها ثلاثة أيام في حالة وفاة أحد
أقاربه من الدرجة الأولى.
وطالبت الورقة بالتوقف عن إجراء
تعديلات جزئية وعشوائية على القانون، وإعادة تطوير قانون العمل بشكل شمولي بحيث
يوفر الحمايات الاجتماعية الضرورية المتعارف عليها والتعامل معها باعتبارها الحدود
الدنيا من الحقوق والحمايات والالتزامات للعاملين وأصحاب الأعمال، وبما يساهم في
تحقيق استقرار تشريعي في مجال علاقات العمل، ويضمن استدامتها.
وفيما يتعلق بالحد الأدنى للأجور،
أوضحت الورقة أن الحكومة لم ترفعه منذ نحو أربع سنوات بما يتواءم مع معدلات
التضخم، مخالفة بذلك الفقرة (ب) من المادة 52 من قانون العمل التي نصت على الأخذ
بالاعتبار مؤشرات تكاليف المعيشة التي تُصدرها الجهات الرسمية المختصة عند تحديد
الحد الأدنى للأجور من قبل اللجنة الثلاثية لشؤون العمل.