القسم :
محلي - نافذة على الاردن
نشر بتاريخ :
28/03/2018
توقيت عمان - القدس
7:07:38 PM
غُزلاننا في محمية دبين.. من افترسها!؟
الحقيقة الدولية – عمان - خاص
أثارت قضية فقدان الغزلان من محمية دبين جدلاً واسعاً في الشارع الأردني، كون هذه الحيوانات التي تعيش في المحميات الطبيعية في الأردن تعتبر ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها، وما اختفاء الغزلان من محمية دبين مؤخراً إلا تراكمات لما حدث في هذه المحمية بالذات خلال السنوات العشر الماضية. ففي شهر تشرين ثاني 2008 حدثت مذبحة في المحمية أودت بحياة 28 غزالاً، نفقت أمام أعين المسؤولين عن هذه المحمية تباعاً، وبمعدلات يومية؟ وهذه المذبحة ترتبت بسبب غياب العناية والمتابعة التي يفترض أن تقوم بها الجهات المسؤولة عن حماية المحمية من كل ما يمكن أن يؤثر سلباً على حياة الحيوانات التي تعيش فيها.
وفي شهر حزيران 2013 أُعلن عن إختفاء 132 غزالاً خلال الخمسة شهور الأولى من العام من المحمية حسب تقرير لديوان المحاسبة، لكن وزارة الزراعة نفت ذلك، وقال مدير زراعة محافظة جرش، المهندس بسام الفواعير حينها أن ما أشيع حول اختفاء 132 غزالاً من محمية دبين عار عن الصحة، مؤكداً أن هذا الرقم مبالغ فيه وأن عدد الغزلان يتراوح بين (190-200) رأس بينما كان عددها عام 2001 لا يتجاوز ال 80 غزالاً. مضيفاً أن سبب الفقدان ليس بسبب هروب الغزلان أو اختفائها أو سرقتها كما جاء في التقرير المنسوب للديوان، حيث أن المحمية مغلقه بشكل كامل ومحكمة ومؤمنة من قبل حراس على مدار الساعة.
فكيف لا يتم إجراء إحصائية دورية دقيقة توثق الحيوانات المريضة او المصابة أو النافقة منها أو الهاربة وإبلاغ المسؤولين في مديرية زراعة جرش أو وزارة الزراعة، ليتم المتابعة والحد من تفاقم الأمور، فأبسط قواعد الإدارة تقول بضرورة وجود ملف لكل حيوان في المحمية يتم تسجيل أي تطور عليه ومنها فقدانه أو نفوقه وإبلاغ الوزارة أول بأول حول هذه التطورات، فكيف تفقد مثل هذه الأعداد دون إخطار الوزارة بها.
زيارة روتينية نفذها مدير زراعة جرش المهندس عبدالحافظ أبو عرابي لمحمية دبين، كشفت أولى معالم القضية، حيث لاحظ أبو عرابي أن كمية العلف الواردة للمحمية تقدر لنحو 500 رأس غزال، ما دعاه لطلب إجراء إحصاء فوري لأعداد الغزلان.
وتم الإحصاء بالفعل، ليكشف وجود 186 غزالاً فقط في المحمية، في حين أن العدد المفروض تواجده هو 500 تبعاً لتقديرات التكاثر وكمية الأعلاف الموردة للمحمية مما يعني إختفاء نحو 314 غزالاً على أرض الواقع وهو ما يخالف الرواية الأولى حول فقدان100 رأس فقط. حيث أحال وزير الزراعة خالد الحنيفات، قضية فقدان 100 رأس غزال، إلى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، حسب كتاب صادر عن الوزير. وبدورها باشرت الهيئة التحقيق في الملف.
وتم بمحض الصدفة نفوق غزال في المحمية لأسباب طبيعية، مما جعل مدير الزراعة يصر على إجراء إحصاء جديد، وعندها ظهرت مفاجأة أخرى تمثلت بفقدان 13 غزالاً آخر ليرتفع عدد الغزلان المفقودة إلى 327 رأس، وفق التقديرات.
وأكد مدير زراعة جرش عبد الحافظ أبو عرابي، في تصريحات أن قضية فقدان نحو 100 غزال من محمية دبين في محافظة جرش، ما زالت قيد التحقيق في هيئة مكافحة الفساد ولم يتم بعد كشف ملابسات فقدانها. واستبعد أبو عرابي ما تم تداوله خاصة وأن الغزلان دخلت الأردن في عام 2001، وأنه من غير المعقول بأنه لم يتم اكتشاف النقص في أعدادها طيلة السنوات الماضية. وما وثقه ديوان المحاسبة سابقاً في هذا المجال لم يحرك ساكنا، ولم يدفع بوزارة الزراعة إلى تحويل الملف للمدعي العام للكشف عن المتورطين فيه.
وبيَّنت التحقيقات الأولية بقضية فقدان أكثر من 100 غزال من محمية دبين والبالغ ثمنها حوالي 50 ألف دينار، وجود جريمة سرقة. ووفق الكتاب الموجه لرئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد فإن فقدان هذا العدد جاء نتيجة لعدم المتابعة.
وتشير الاحصائيات السابقة إلى أن أعداد الغزلان من فصيلة الأيل الأسمر في دبين والمُهداة من أستراليا في بداية القرن الحالي، كانت تصل ل 350 رأساً، قبل أن تنخفض إلى 176 غزالاً و 162 بوقت قصير.
قضية فقدان الغزلان جريمة موثقة بأوراق حكومية سابقة، فمنذ الأعوام 2008 و2013، وما حدث فيهما من نفوق وفقدان أعداد كبيرة من الغزلان، لم يتم إتخاذ أية إجراءات جدية وفاعلة. قد يكون الإهمال سببها أو قد يكون السرقة، فالقضية هي جريمة تستلزم تحويلها والمشتبهين فيها الى المدعي العام مباشرة لبدء التحقيق فيها وإحالة المتورطين الى القضاء والذين لم يتم ضبطهم أو الكشف عن أسمائهم.
الإجراءات التي تمت بشأن هذه الحادثة لغاية الآن لا ترتقي إلى أهمية الحدث، الذي قد يتفاقم في مرات قادمة إذا لم يتم التعامل مع ملف فقدان الحيوانات من المحميات بجدية أكبر، حيث أن هذا الحادث وغيره يدل على وجود تسيُّب وتخبُّط كبير في أسلوب إدارة هذه المحمية يجب التعامل مع هذا بجدية أكبر للحفاظ على هذه الثروة النادرة.