القسم :
محلي - نافذة على الاردن
نشر بتاريخ :
12/09/2025
توقيت عمان - القدس
11:20:22 AM
كتب علي السنيد
تتصدر جانب من المشهد السياسي الاردني النخب المعيقة
للاصلاح، والتي تضع العراقيل في وجه التقدم، والتطور الديموقراطي، وتستعدي الدولة
على الحريات العامة، وتشكك بالتوجهات العامة للناخبين، وتدفع باتجاه التشدد
بالقوانين الماسة بالحريات العامة.
وهي لا تؤمن بضرورات التحول الديموقراطي، واحترام خيارات
الناخبين، وترفض الانصياع لنتائج الصناديق، وتبعد القوى الوطنية الاكثر حضورا في
الشارع، وتحرض ضدها، وتشكك بالولاء، والانتماء للاخر السياسي الاكثر تمثيلا
للارادة الشعبية.
وهذه المجاميع المولعة بالسلطة تفزعها مطالبات المشاركة
الشعبية لانها تؤثر على طريقة حضورها في السلطة من خلال الشللية، والعلاقات
الشخصية، ودون اعتبارات الكفاءة والاقتدار، وامكانيات تقديم الافضل للدولة في
مجالات الخدمة العامة.
وستعمل على الابقاء على الاليات القديمة الممارسة في تدوير
المواقع العامة في اطارها الضيق، وربما اننا شهدنا في المرحلة الاخيرة الصورة
الابرز على ذلك.
وقد حكمت على الدولة بالتباطؤ في مسيرتها السياسية، وهي تسعى
بشكل دؤوب للحد من تفويض السلطة وفق تطورات الحالة الشعبية، وحسب الاتجاهات العامة
للرأي العام.
وهذه الطبقة التي تعلو سطح المجتمع لا تملك رؤية مستقبلية
للتطور، ولا تنظر لاهمية التحول التدريجي في السلطة لاستيعاب طاقة الاجيال الشابة،
وتحقيق مطالبها المشروعة، ولكونها تنتمي للمفهوم القديم للسلطة التي تجاوزها الزمن.
وتزداد كلفتها على الدول حيث ساهمت في المس باستقرارها نظرا
لتعديها السافر على احلام الشعوب، وتطلعاتها الوطنية.
ومن المؤسف حقا ان هذه النخب النفعية تقتات على السلطة،
وتتكون ثرواتها من خلالها، وتتوسع في انتحال صفة التمثيل السياسي رغم انها تأخذ
دورا هامشيا في الاوساط الشعبية، وتتحصل على مكتسبات كبيرة، وامتيازات شخصية بسبب
تفردها في السلطة، وتعلمها اساليب الوصول للمال العام، وهدره بحكم الخبرة المتكسبة
مع الوقت، ناهيك عن غياب الارادة الشعبية، وفقدان الرقابة على اعمال الحكومات
تاريخياً.
وقد درجت هذه النخب على الاستعاضة عن فقدانها للقدرات
المطلوبة لشغل المواقع العامة الى رفع الشعارات الوطنية باعتبارها وسيلة الوصول
الى السلطة، وعملت بعد ذلك على هدم قيم الوظفية العامة من خلال سلوكها غير القويم.
ونظرا لانها تعاني في مجال النزاهة والاستقامة، وتتجاوز على
قيم الدولة الحديثة وللاستحواذ على المكتسبات المتحققة من خلال احتكار السلطة،
ومواقع القرار في الدولة فنزعت الى اضفاء صفة الوطنية على نفسها ونزعتها عن
المخالف السياسي، وعمدت الى ابعاد ممثلي الشعب الحقيقيين عن واجهة القرار.
لا شك ان النخب التي لا يفرزها الحراك الطبيعي للمجتمع، وحسب
استحقاقاتها وامكانياتها الفكرية، وقدراتها الوطنية، وقيمها السامية، وتمثيلها
للرأي العام تكون اضعف من ان تخدم الشعب بامانة واخلاص، وتحقيق المصلحة العامة.
وقد ادى تواصل هذه المعادلة الى تجريف الوعي الاجتماعي، والى
تبلور مخاطر زرع الجهوية والمناطقية والعنصرية في احشاء المجتمع، وامكانية تحريك
عوامل الفتنة تبعا للمصالح الخاصة اذا لزم الامر.
وضربت للاسف منظومة قيم العدالة والمساواة والتوجهات
الاصلاحية للدولة، وادى ذلك الى تراجع دور الكفاءات فتردى اداء المؤسسات العامة،
وبتنا نعاني من تصاعد الشكوى والاحتقان المجتمعي على خلفية سوء الادارة العامة،
وتفشي الواسطة، والمحسوبية، والرشوة ، وتطاول الفساد الصامت.
ان النخب الوطنية تكرس السلطة في خدمة الناس، وتعمل بالليل
والنهار على تحقق التطلعات العامة المشروعة لها، وتجلب الرضى الشعبي للدولة من
خلال حسن ادائها فتساهم في استقرار الدول ومنعتها.
ولا تقوم على اساس احتكار الوطنية، ورفع الشعارات في مظاهر
استعراضية، وتتبنى خطاباً رجعياً يؤسس لتفكيك المجتمع، وتحويله الى بوتقة للصراعات
مما يضرب وحدة الصف الوطني، وخاصة في الظروف الاستثنائية ، والمخاطر التي تحيط من
كل جانب.