نشر بتاريخ :
17/07/2025
توقيت عمان - القدس
7:35:27 PM
تبديل بطاريات المركبات.. استثمارات متنامية لتسريع التحول الكهربائي
يراهن
مستثمرو رأس المال المغامر في الوقت الراهن على شركات ناشئة تتيح للسائقين استبدال
البطاريات المستنفدة بأخرى مشحونة بالكامل في غضون خمس دقائق أو أقل، ما يجعل هذه
التقنية مثالية للمركبات الصغيرة المخصصة لخدمات التوصيل داخل المناطق الحضرية ذات
الكثافة السكانية العالية.
وتتصدر
شركة «نيو» الصينية، التي تتخذ من شنغهاي مقراً لها، هذا القطاع داخل السوق
الصينية، فيما أطلقت شركة «كاتل» – أكبر مصنّع للبطاريات في العالم – شراكة تهدف إلى
إنشاء شبكة تضم ألف محطة لتبديل البطاريات.
في
أوروبا والولايات المتحدة، جاء تبني هذه التقنية بوتيرة أبطأ نسبياً، بسبب ارتفاع
تكاليف بناء البنية التحتية اللازمة وتكييف المركبات لتكون متوافقة مع هذا النظام.
مع ذلك، يؤمن المستثمرون في الشركات الناشئة الأصغر حجماً، التي تنشط في أسواق مثل
الهند واليابان وإسبانيا وتايوان، بأن البطاريات القابلة للتبديل قد تسد فجوة في
قدرات الشحن في المناطق التي لا تملك شبكات كهربائية مؤهلة لتلبية المتطلبات
العالية لمحطات الشحن السريع.
ويتيح
هذا النظام كذلك شحن البطاريات في أوقات انخفاض تكلفة الكهرباء، بما في ذلك عبر
مصادر الطاقة المتجددة. وفي خطوة لافتة، أعلنت شركتا «ميتسوبيشي فوسو» المتخصصة في
تصنيع الشاحنات والحافلات، و«ميتسوبيشي موتورز» لصناعة السيارات، الشهر الماضي،
أنهما ستجهزان بعض المركبات في طوكيو ببطاريات قابلة للتبديل من شركة «أمبل»
الناشئة، ومقرها سان فرانسيسكو، والتي تحظى أيضاً بدعم من «بلاكستون» ومجموعتي
الطاقة «ريبسول» و«شل».
وتأتي
هذه الخطوة بعد تجارب أجريت سابقاً في مدينة كيوتو بالتعاون مع شركة «ياماتو»
–أكبر شركة لوجستية في اليابان والمعروفة بشعار القطة السوداء – وكذلك مع سائقي
«أوبر» في منطقة خليج سان فرانسيسكو. وتقول شركة «أمبل» إن بطارياتها المعيارية
يمكن تبديلها في أي سيارة كهربائية مجهزة بلوحة المحول الخاصة بها – وهي ليست
جزءاً من المواصفات القياسية، مضيفة أن مواقع تبديل البطاريات التابعة لها يمكن
إنشاؤها خلال ثلاثة أيام فقط في أماكن مخصصة لوقوف السيارات.
وكانت
شركة «ستيلانتيس» الأوروبية لصناعة السيارات قد أعلنت الشهر الماضي عن استخدامها
بطاريات «أمبل» ضمن مبادرة لتقاسم السيارات في العاصمة الإسبانية مدريد. ويهدف هذا
المشروع، الذي يحظى بدعم من الحكومة الإسبانية، إلى إثبات أن هذه التقنية قادرة
على تحقيق تكاليف ومسافات قيادة مماثلة لتلك التي توفرها محطات الشحن التقليدية.
ويقول
ناكول زافيري، الرئيس المشارك لاستراتيجية المناخ لدى شركة «ليبفروغ إنفستمنتس»
للاستثمار المباشر، والتي تدعم هذا النموذج التجاري، إن هذه المبادرات تكتسب
جاذبية لدى الحكومات التي تشعر بأنها أمام «مشكلة لا بد من حلها»، سواء في ما
يتعلق بتلوث الهواء أو تواجه تحديات إعادة شحن المركبات داخل المدن المكتظة، حيث
لا يتوافر الوقت أو المساحة للانتظار في طوابير طويلة.
وقادت
«ليبفروغ إنفستمنتس» جولة التمويل العام الماضي لصالح شركة «باتري سمارت»، أكبر
شبكة لتبديل بطاريات المركبات الكهربائية ذات العجلتين والثلاث عجلات في الهند،
والتي تحظى أيضاً بدعم من «بنك ميتسوبيشي يو إف جي» و«باناسونيك». أما أحدث جولة
لجمع التمويل، والتي جرت في يونيو الماضي، فقد قادتها شركة «رايزينغ تايد إنرجي»
الأمريكية للاستثمار المباشر.
وتقول
«باتري سمارت» إنها تنفذ 3.5 ملايين عملية تبديل شهرياً، موفرة بطاريات «ليثيوم
أيون» بنظام الدفع مقابل الاستخدام لسائقي الدراجات الكهربائية والتوك توك، الذين
يقومون بمسح رمز الاستجابة السريعة الموجود على البطارية لإتمام عملية التبديل في
محطات منتشرة في 50 مدينة.
وبينما
تركز شركة «غوغورو» التايوانية المدرجة في بورصة «ناسداك» على الدراجات البخارية
والمركبات الصغيرة، فإنها تجري نحو 12 مليون عملية تبديل شهرياً. وقد جمعت الشركة،
التي تواجه صعوبات متزايدة بفعل الخسائر المتنامية، ما مجموعه 480 مليون دولار
خلال خمس جولات تمويلية، كان أحدثها العام الماضي من شركة «كاسترول».
تقول
هيذر تومسون، الرئيسة التنفيذية لمعهد «سياسات النقل والتنمية»، ومقره نيويورك، إن
هذا النظام يعد واعداً بشكل خاص للمركبات الصغيرة والخفيفة مثل الدراجات النارية
في المدن المكتظة، حيث لا يرغب السائقون في الانتظار للحصول على شحنة كاملة، كما
أن بطارياتهم صغيرة وسهلة التبديل.
وتضيف
تومسون إن الشركات والباحثين لا يزالون في «مرحلة تجريبية»، يهدفون من خلالها إلى
تحديد ما إذا كانت تقنيات الشحن السريع أو تبديل البطاريات ستكون الخيار الأكثر
فاعلية، موضحة: «الأمر كله يتوقف على مقارنة العوامل المرتبطة بالتكلفة من حيث
الحجم والوزن والوقت». لكنها أشارت إلى أن نظام التبديل قد يكون أقل كفاءة
للمركبات الثقيلة، إذ يمكن أن يبلغ وزن بطارية الحافلة قرابة وزن المركبة نفسها.
وتظهر
تحليلات صادرة عن «بي إن بي باريبا»، أن خدمات التبديل لن تصبح مجدية اقتصادياً
إلا بعد أن يصل الطلب إلى مستوى يعتمد فيه نحو ثلث سائقي المركبات الكهربائية في
سوقٍ ما على هذا النوع من الخدمات. كما تواجه هذه الشركات تحدياً إضافياً يتمثل في
تأمين إمدادات كافية من البطاريات والمكونات، في ظل هيمنة الصين على سلاسل التوريد
الخاصة بهذه الصناعة.
وقد
تهدد محطات الشحن فائقة السرعة، مثل تلك التي وعدت بها شركة «بي واي دي» والتي
تتيح شحناً خلال خمس دقائق، مستقبل خدمات التبديل.
ويقول
المحلل المتخصص في قطاع السيارات، ماتياس شميت: إن «البنية التحتية للشحن وسرعات
الشحن قد تجعل خدمات كهذه غير ضرورية حتى قبل أن تنطلق فعلياً على الطرقات».
لكن
الرئيس التنفيذي لشركة «أمبل»، خالد حسونة، يرى أن الخدمة يمكن أن تحتفظ بمكانتها
في السوق. وقال: «الشحن التقليدي يعد مثالياً إذا كنت تستطيع شحن مركبتك خلال
الليل»، مضيفاً: «لكن إذا كنت تركنها في الشارع، أو تكون جزءاً من أسطول كبير من
المركبات، فستحتاج إلى حل مختلف». وأشار إلى أن المشكلة تكمن في «توفر الطاقة
وتكلفة تركيب محطات الشحن السريع».
وكالات