نشر بتاريخ :
18/04/2025
توقيت عمان - القدس
11:08:37 PM
حذرت المديرة العامة لصندوق النقد
الدولي، كريستالينا غورغييفا، اليوم الجمعة، من أن تصاعد التوترات التجارية
والتحولات الجذرية في نظام التجارة العالمي سيؤديان إلى خفض كبير في التوقعات
الاقتصادية للصندوق، إلا أنها استبعدت أن يصل الأمر إلى حد حدوث ركود عالمي شامل.
وأوضحت غورغييفا أن اقتصادات الدول
تواجه اختبارات صعبة في ظل إعادة تشكيل نظام التجارة العالمي منذ أشهر، وذلك بفعل
الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة وردود الأفعال المقابلة من الصين
والاتحاد الأوروبي. وأشارت إلى أن هذا الوضع أدى إلى حالة من الضبابية "غير
المسبوقة" في السياسة التجارية وتقلبات حادة في الأسواق المالية.
وقالت في كلمة معدة سلفًا:
"الاضطرابات تنطوي على تكاليف... توقعاتنا الجديدة للنمو ستشمل تخفيضات
ملحوظة، ولكن ليس ركودا"، مضيفة أن التقديرات ستأخذ في الحسبان احتمال ارتفاع
التضخم في بعض الدول.
وأكدت غورغييفا أن تصاعد حالة عدم
اليقين يزيد من مخاطر الضغوط على الأسواق المالية، مشيرة إلى أن تحركات منحنيات
عوائد سندات الخزانة الأمريكية الأخيرة يجب اعتبارها بمثابة إشارة تحذير. وأضافت:
"الجميع سيعاني إذا تردت الأوضاع المالية".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد
أحدث اضطرابًا كبيرًا في نظام التجارة العالمي من خلال تبني سياسة تجارية جديدة
تضمنت فرض رسوم جمركية بنسبة 10 بالمئة على جميع الدول، بالإضافة إلى رسوم أعلى
على بعضها، وذلك قبل أن يتم تعليق هذه الرسوم لمدة 90 يومًا لإتاحة الفرصة
للمفاوضات. وقد أعلنت الصين والاتحاد الأوروبي ودول أخرى عن اتخاذ إجراءات مضادة
لهذه السياسات الأمريكية.
ومن المقرر أن يصدر صندوق النقد الدولي
تقديراته المحدثة للاقتصاد العالمي يوم الثلاثاء المقبل. وكانت توقعات الصندوق
الصادرة في يناير الماضي تشير إلى نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.3 بالمئة في عامي
2025 و2026.
وفي حديثها إلى موظفي صندوق النقد
والصحفيين في مقر الصندوق بواشنطن قبيل اجتماعات الربيع للصندوق والبنك الدولي
الأسبوع المقبل، لم تقدم غورغييفا تفاصيل محددة بشأن المراجعات المتوقعة، لكنها
حذرت من أن استمرار حالة عدم اليقين لفترة طويلة سيكون مكلفًا، وقالت إن عواقب
إعادة تنشيط العمل التجاري ستكون "كبيرة".
ويتوقع خبراء اقتصاديون استطلعت رويترز
آراءهم أن تؤدي سياسة الرسوم الجمركية الأمريكية المتشددة إلى تباطؤ كبير في نمو
الاقتصاد الأمريكي خلال العام الحالي والعام المقبل. كما ارتفعت احتمالية حدوث
ركود في الاقتصاد الأمريكي خلال العام المقبل إلى 45 بالمئة، وهي أعلى نسبة منذ
ديسمبر 2023، بعد أن كانت 25 بالمئة في الشهر الماضي.
وأشارت غورغييفا إلى أن التوتر التجاري
يتصاعد منذ فترة، ولكنه وصل الآن إلى مرحلة الغليان، وحثت الدول على الاستجابة
بحكمة "للتحولات المفاجئة والكاسحة" الناتجة عن ارتفاع الرسوم الجمركية
الأمريكية الفعلية إلى مستويات لم تشهدها الولايات المتحدة منذ فترات طويلة، مما أدى
إلى ردود فعل من الدول الأخرى. وقالت: "في ظل المواجهة بين الدول العملاقة،
تقع الدول الأصغر ضحية لهذه المواجهات".
وأوضحت أن الصين والاتحاد الأوروبي
والولايات المتحدة هم أكبر ثلاثة كيانات مستوردة في العالم، مما يعني وجود تداعيات
كبيرة على الدول الأصغر حجمًا والأكثر عرضة لصعوبة الأوضاع المالية.
وحذرت غورغييفا من أن الحمائية
التجارية تضر بالنمو، وأن الأدلة السابقة أظهرت أن ارتفاع معدلات الرسوم يتحمله
المستوردون في صورة انخفاض معدلات أرباحهم، ويتحمله المستهلكون في صورة ارتفاع
التكاليف عليهم. وفي الاقتصادات الكبيرة، قد يخلق هذا أيضًا حوافز لاستثمارات
داخلية جديدة توفر فرص عمل جديدة، لكن هذا لن يحدث إلا بعد مرور فترة من الوقت.
ومضت قائلة: "الحمائية تضر
بالإنتاجية على الأمد الطويل، في الاقتصادات الصغيرة بخاصة". وحذرت من أن
تحركات حماية الصناعة من المنافسة تحبط أيضًا ريادة الأعمال وتضر بالابتكار.
وحثت غورغييفا البلدان على مواصلة
الإصلاحات الاقتصادية والمالية مع الحفاظ على سياسة نقدية مرنة يمكن الوثوق بها،
إلى جانب تعزيز تنظيم الأسواق المالية والإشراف عليها. وأضافت أنه يجب على
اقتصادات الأسواق الناشئة أن تحافظ على مرونة أسعار الصرف، ويجب على البلدان
المانحة أن تحسن حماية تدفقات المعونات إلى البلدان الضعيفة منخفضة الدخل.
ودعت غورغييفا إلى التعاون في عالم
يتزايد فيه تعدد الأقطاب، وحثت الاقتصادات الكبيرة على التوصل إلى تسوية تجارية
تحافظ على الانفتاح وتعيد العالم إلى مسار خفض معدلات الرسوم وتقليص الحواجز غير
الجمركية. وقالت: "نحتاج اقتصادا عالميا أشد متانة، وليس الانزلاق في
الانقسام... تستطيع جميع الدول، كبيرها وصغيرها، بل ويجب عليها، أن تضطلع بدور في
تعزيز الاقتصاد العالمي في عصر يشهد صدمات أكثر تواترا وشدة".
الحقيقة الدولية - وكالات