الحقيقة الدولية – خاص
أثار تعيين رئيس الوزراء الدنمركي " أندرز فوغ راسموسن" أميناً عاماً بالإجماع لحلف شمال الأطلسي حفيظة العديد من الدول العربية والإسلامية وعلى رأسها تركيا، نتيجة مواقفه السلبية السابقة التي عبر عنها أثناء قيام 17 صحيفة دنمركية بنشر رسومات مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك في الاجتماع الذي عقده الحلف في مدينة ستراسبورغ.
وعارضت تركيا بشدة تعيين " راسموسن" على خلفية دعمه للصحف الدنمركية التي قامت بنشر صور كاريكاتورية مسيئة للرسول وللإسلام، بذريعة أنها حرية تعبير، واكتفى بتقديم بيان صحفي مقتضب لم يستنكر أو يعتذر للمسلمين على ما بدر من هؤلاء المجرمين، كما أنه لم يسمح بمعاقبتهم أمام القضاء الدنمركي ولذات الذريعة، حيث قال في هذا الصدد:"أود أن أؤكد أننا في الدنمرك نعلق أهمية كبيرة على حرية التعبير التي تشكل جزءاً حيوياً وأساسياً من تركيبة المجتمع الديمقراطي، و أود أن أؤكد على أن ما سبق يمثل تماماً رأيي الشخصي ذلك أنني أكن عميق الاحترام للمشاعر الدينية للآخرين، وبالتالي فإنني شخصياً لم أكن لأختار مطلقاً تصوير الرموز الدينية بهذه الطريقة، كما وأود أن أعبر عن انزعاجي الشديد لما سببته تلك الرسومات من إساءة للكثير من المسلمين الذين اعتبروها تشويهاً لسمعة النبي محمد (ص) للدين الإسلامي، وكلي أمل أن يساهم اعتذار الصحيفة المستقلة "يولاندز بوستن" في مواساة أولئك الذين تمت الإساءة إليهم".
ولد الأمين العام الجديد لحلف الناتو" راسموسن" عام 1953م في مدينة جنروب (يوتلاند) الدنمركية، وتخرج من جامعة " آرهوس" بتخصص الاقتصاد، وألف العديد من الكتب، ولديه ثلاثة أطفال، وشغل العديد من المناصب الرسمية في الحكومة اليمينية المحافظة التي رأسها "بول شولوتر"، حيث كان وزير الضرائب، ووزير الاقتصاد والضرائب، واستقال عام 1992 من منصبه الحكومي إثر إدانته بقرار من المحكمة على خلفية تقديمه لمعلومات غير دقيقة في قضية استجوابه من قبل " البرلمان الدنمركي"، وعاد بدعم من حزبه اليميني " فينستر" إلى تسلم منصب رئيس الوزراء عقب فوزه بالانتخابات التشريعية وتسلمه السلطة عام 2001، ومن المعروف عنه أنه كان من أشد المحاربين للهجرة الأجنبية إلى بلاده، ومن أكثر الداعمين للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في حربه على العراق.
وقد تأسست منظمة حلف شمال الأطلسي في 4 أبريل عام 1949 م، (NATO - North Atlantic Treaty Organization) . بناءً على معاهدة شمال الأطلسي ويقع مقر قيادة الحلف في العاصمة البلجيكية بروكسل، وللحلف لغتان رسميتان هما الإنجليزية والفرنسية، والدور الرئيسي لهذا الحلف هو حراسة حرية وحماية الدول الأعضاء فيه من خلال القوة العسكرية ويلعب دوراً في حل الأزمات السياسية وكل الدول الأعضاء فيه تساهم في القوى والمعدات العسكرية التابع له مما يساهم في تحقيق تنظيم عسكري لهذا الحلف، ويوجد هناك دول ذات علاقات ممتازة بحلف الناتو إلا أنها ليست جزءا منه بشكل رسمي وتسمى حليف رئيسي لحلف الناتو (Major non-NATO ally)، وخلال هذه الفترة أي عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبدأ مرحلة جديدة في النظام الدولي الجديد تمثلت في بروز نظام دولي ثنائي القطبية، الأول رأسمالي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، والثاني اشتراكي بزعامة الاتحاد السوفييتي السابق، والذي من خلال بدأت الحروب الباردة بين المعسكرين، وتشكل حلف للدول التي تمثل المعسكر الأول سمي بحلف شمال الأطلسي " الناتو"، وفي الجهة المقابلة تشكل ما عرف باسم حلف " وارسو" الذي يضم الدول الاشتراكية.
وتعود أسباب تكوين الحلف – بحسب الموقع الرسمي للناتو- إلى ما يلي: "دعت الضرورة دول الحلف الي الاتحاد بسب تواجد القوات السوفيتية في دول شرق أوروبا و الشعور لدى دول غرب أوروبا بقرب هجوم سوفيتي عليهم مما أدى بدول غرب أوروبا إلى التعاون مع الولايات المتحدة وتكوين الحلف، وللحلف أيضا أهداف أخرى هي : "حماية دول العالم بشكل عام" وحماية الدول الأعضاء فيه بشكل خاص، وحفظ الأمن والاستقرار، ومحاربة التهديدات الأمنية الجديدة".
أما الجيش التابع لحلف " الناتو" فيتكون من عدة دول أعضاء فيه، ويشمل هذا الجيش قوات من الدول التالية: آيسلندا، ألمانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، إستونيا، إيطاليا، اسبانيا، البرتغال، بريطانيا، بلجيكا، بلغاريا، بولندا، جمهورية التشيك، الدانمارك، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، فرنسا، كندا، لاتفيا، لتوانيا، النرويج، هنغاريا، هولندا، اليونان، تركيا، لوكسمبورغ .
ويرى بعض المحللين أن هناك صراعاً خفياً بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية من أجل السيطرة على الحلف لتحقيق مصالح تلك الدول، وفي هذا الصدد قال الدكتور جمال الشلبي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية:" منذ بداية تأسيس حلف الناتو كان هناك حرباً معلنة داخل الحلف بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، حول الرؤى والتوجهات والأفكار، أما الآن وبعد انهيار المنظومة الاشتراكية وتشكل نظام دولي جديد " أحادي القطبية"؛ أصبح الصراع بين البلدين يتجه نحو الصراع على الناتو، بمعنى على من يتصدر قيادته، ويوجهه ويسيطر على استراتيجياته، وبالتالي يوظفه لتحقيق مصالح بلاده وأهدافها الإستراتيجية وسياستها الخارجية، وهنا لا بد من التنويه إلى أن فرنسا ت