الأمن العام تحتفل بيوم المرور العالمي تحت شعار: "بوعينا نصل آمنين" صحافة عبرية: "إسرائيل" لن توافق على إنهاء الحرب على غزة مؤسس جو أكاديمي: توظيف الذكاء الاصطناعي بالتعليم يسهم بمعرفة إمكانيات وقدرات الطالب 5 شهداء بينهم 4 أطفال في غزة ورفح بلدية مأدبا تكرم عمالا رياديين بمناسبة عيد العمال بدء أعمال مؤتمر تيدكس لايف بجامعة الأميرة سمية بعنوان "الشجعان والمبدعون" الكهرباء الأردنية تفتتح مركزا جديدا لخدماتها في مجمع رغدان إعلام عبري: إجلاء جنود جرحى من غزة بـ5 مروحيات بدء مشروع صيانة جزء من الطريق الصحراوي اعتبارا من الأحد الأردن.. زوج يضرب زوجته ويلقيها بالشارع لطلبها منه "علبة لبن" رويترز: قطر قد تغلق المكتب السياسي لحماس رئيس الديوان الملكي يلتقي وفدا من جميعة نشامى الولاء والإنتماء لم يكن رهينة لدى حماس.. ثبوت مقتل حارس أمن في هجوم أكتوبر وكالة "فيتش" تعدل نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية أسهم "وول ستريت" ترتفع في أسبوع وسط آمال خفض الفائدة

القسم : بوابة الحقيقة
رسائل بالأسلحة وردود راشدة
نشر بتاريخ : 4/24/2024 11:40:59 AM
د. منذر الحوارات


د. منذر الحوارات

 

غرق شهر نيسان هذا العام بالترقب والتوجس وتوقع ما هو أسوأ وربما ما هو أحسن، بعد انطلاق الحدث من شارع المزة بتدمير قنصلية إيران، وما تلاه من تهديد ووعيد ترجم نفسه في الثالث عشر من نيسان عندما تلألأت السماء بـ350 صاروخاً ومسيرة إيرانية توقع جميع من تابعها أن لحظة الوعد الإيراني بزاول إسرائيل قد أزفت، وانتظر العالم لحظة الإعلان عن هذه الحقيقة لكن المفاجأة الكبرى أن هذا الوعد لم يتحقق ولا حتى بعضاً منه، فكانت الصدمة لدى الكثيرين ممن وضعوا آمالهم على قدرة إيران في إحداث فارق لمصلحة الفلسطينيين في هذا الصراع الدامي الممتد لأكثر من قرن كانت فيه القوة والهيمنة هي المحدد الأول والرئيسي.

 

هذه الصدمة بانعدام الأثر العسكري الواضح لتلك الضربة جعلت تأويل الحدث سيد الموقف للوصول إلى حقيقة ما جرى، أولها كان بأن ثمة مؤامرة حصلت وأن كل ما حدث ليس سوى تمثيلية أُحسنت فصولها، وهذا القول يجانب الواقع، إذ لا يُعقل أن تطلق دولة على أخرى هذا الكم من الصواريخ وهي تضمن تماماً أن الأهداف المقصودة لن تصاب أبداً بالتالي فإن فرضية التمثيلية تسقط من تلقاء نفسها، لأن هاتين الدولتين تتنافسان على النفوذ في المنطقة وبالتالي فكرة الصراع بينهما واردة جداً، الطرف الثاني قال إن هذا يُعتبر سقوطا لقوة الردع الهجومية الإيرانية وهي التي روّجت لصواريخها وقدرتها على توجيه ضربات قاصمة لأي خصم لعقود من الزمن، وبالتالي فإن تساقطها بهذه الطريقة يعتبر سقوطاً لكل تلك الادعاءات الإيرانية وهذا الكلام يمكن للعسكريين أن يقرروه، لكن النتائج على الأرض لا تشير إلى تأثير كبير لهذه الصواريخ الإيرانية، أما الطرف الثالث فقد ذهب في الاتجاه المعاكس وأكد قوة الدفاعات الجوية لدولة الاحتلال، وهذا طبعاً لا يمكن إنكاره وهو حقيقة أكدها ارتفاع أسهم الشركات المنتجة لأنظمة هذه الدفاعات بنسب كبيرة ، لكن ما لم يُشر إليه هذا الرأي هو قوة تدخل التحالف الغربي الداعم لإسرائيل، فقد أُسقط 55 ٪ من مجموع هذه المقذوفات بواسطة قوات الحلفاء حيث مرت المقذوفات على 32 محطة رصد تابعة للقوى الغربية الداعمة لإسرائيل.

 

ولا بد من الإشارة هنا إلى المفاوضات المضنية التي قادتها الولايات المتحدة بواسطة سلطنة عُمان والسفير السويدي الذي حمل الرسائل ذهاباً وإياباً بين إيران والولايات المتحدة أدى إلى الحد من خطر المواجهة في المنطقة، وهذه الأخيرة وضعت حصول مواجهة كخط أحمر لا يجب حصوله تحت أي ظرف لعدة أسباب أولها أن الرئيس الأميركي يرى أن انخراط الولايات المتحدة في صراع إقليمي سيؤدي إلى التقليل من فرصته الانتخابية هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تنبهت الولايات المتحدة إلى أن إيران قامت مباشرة بعد ضرب قنصليتها باحتجاز سفينة إسرائيلية في مضيق هرمز، وتلك رسالة التقطها بايدن على أنها تهديد إيراني بإغلاق المضيق وهذا بالنسبة لبايدن خطير لأنه سيرفع أسعار النفط ومشتقاته وهذا خطر من ناحيتين الأولى انه سيرفع نسب التضخم في العالم وأميركا وبالتالي يضغط على الناخب الأميركي وهذا سينعكس سلباً على التصويت لبايدن والثاني أنه سيزيد التدفقات المالية على الرئيس بوتين مما يعزز إمكانيات استمراره في الحرب مع أوكرانيا، طبعاً إيران البراغماتية والذكية سياسياً أدركت هذه المعادلة والواضح أنها تعاملت معها بما يخدم مصالحها والأكيد أنها تحتفظ بجملة كبيرة من الطلبات نتيجة لفهم هذه المعادلة والتعامل مع مقتضياتها.

 

في الجانب الآخر حبست المنطقة أنفاسها حول ماهية الرد الإسرائيلي والذي جاء غامضاً تماماً على منطقة أصفهان فقد كان الغموض الإستراتيجي سيد الموقف بحيث لا يُفهم إلا من السياق أن إسرائيل هي الفاعل والتي أكد الجميع أن الموساد هو من قام بها وليس جيش الاحتلال مما يعطي إسرائيل القدرة على التنصل وبالتالي تبقي حقها في الرد قائماً، وبالتالي مزيداً من الضغط على الرئيس بايدن، إذاً ضربتان بنتائج معنوية لم تؤثر أبداً في القواعد المتبعة سابقاً، وأثبتت هذه الردود حجم الرشد الذي يتمتع به كلا الطرفين وبأن قواعد اللعبة السابقة  صامدة بواسطة الأذرع وساحات الآخرين ولم تتغير قيد أُنملة، وأثبتت أن القدس وفلسطين ودماء أبنائها ليست أولوية إيرانية بقدر ما هي أداة من أدوات التنافس، ومن جملة ما أثبتت أيضاً إمكانية التفاهم بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل لذلك فلا يُستبعد إذا ما فاجأتنا الأخبار بمباحثات إيرانية إسرائيلية برعاية أميركية.

 

أما ما بعد هذه الرسائل المشفرة بالصواريخ والمسيرات وبعد هذا الرشد الإستراتيجي كان لا بد أن تحط هذه الصواريخ والقذائف الإسرائيلية رحالها في مهاجعها حيث الدماء رخيصة والأرض مستباحة والسيادة مفقودة، نعم لقد عادت الصواريخ الإسرائيلية لتكمل الحساب مع غزة في رفح وفي دمشق وفي بغداد حيث يغيب الرشد والحسابات الإستراتيجية، وتعود قفازات إيران لتحرك أدواتها تارة بالطائفة وتارة أخرى بالقدس والوعود بتحريرها، أما معادلات الربح والخسارة فهي تعرف طريقها إلى أين.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023