بقلم: منذر أبو هواش القيسي
إن قراءة مشهد الصراع في المنطقة العربية يعطينا نذير ومؤشر خطير لما يدور حولنا ، فعلى ما يبدو أن البعض من كافة الأطراف يقرع طبول الحرب الضروس ، وهنا ينبغي على العقلاء والمتبصرين أن يمسكوا بزمام الأمور حتى لا تفلت من اليد .. وحينها ولات حين مندم .
المنطقة العربية تشهد خطراً حقيقي متعدد الأطراف والاتجاهات ، يتربع على هذه الأخطار إيران وما تحمل من أجندة ومخططات ، وكذالك الأمر الاحتلال الصهيوني وما يحمل من أجندة ومخططات .
فإيران التي تتبنى منهج تصدير الثورة الخمينية إلى العالم ، وتسعى بجد وتكتيك للتغلغل في المنطقة على كافة الأصعدة ..
فهنا تجد لها ذراع عسكري ، وهناك سياسي ، وأخر عقدي أيديولوجي ، وسعي للتمدد الاقتصادي ، واحتلال وإحلال مكاني ، ومخطط ديمغرافي وأخر جغرافي .. وكل هذا يجمعه حلم وردي .. للسيطرة والنفوذ بشكل أكبر .
والاحتلال الصهيوني الذي له كل ذلك أيضاً بل ولربما يزيد ، ولا يخفي أمره ولا ينكر .
إيران التي تسيطر بنفوذها وميليشياتها من بحر العرب وحتى البحر المتوسط ، بهلال بل بدر شيعي مكتمل ، كما أنها لا تخفي دعم أذرعها في اليمن والبحرين والداخل السعودي ، بل وتتبجح بمخططاتها في إفريقيا وغيرها ، تحتاج منا إلى دراسة واعية للخروج بإستراتيجية واضحة للمواجهة وكف اليد ..
والكيان المحتل الذي احتل فلسطين وهجر أبنائها وقتل أهلها ، والذي لا يخفي مخططه بما جاء في برتوكولاته من السيطرة والنفوذ في المنطقة العربية ، والذي تظهر أطماعه بما بعد فلسطين ولو بعد حين .. فهو كذلك الأمر يحتاج إلى منا إلى وعي وبصيرة وإستراتيجية مدروسة للمواجهة .
إن ما نراه اليوم من عسكرة واضحة ما بين الفريقين اللذين يشكلان الخطر الحقيقي على المنطقة إيران والاحتلال الصهيوني ، قد يبرر للبعض أن يصطف بجانب معسكر في مواجهة الأخر ، ويأتي ذلك من باب التبرير بأن الخطر في الصف الأخر أكثر من الأول ، وفي حقيقة الأمر أن هذا القرار يحتاج إلى إعادة النظر ..
فقرار الحرب والسلم قرار متعلق بمصالحٍ عليا للأوطان والشعوب بل للأمة أجمع ، والاصطفاف لأي معسكر يحمل أجندته الخاصة به لن يجلب لنا إلا أن نكون كبش فداء لمصالحه وغاياته ، وهذا أمر مسلم به عبر التاريخ !
وبهذا ينبغي على من يتخذ قرار الحرب أن يكون قراره مدروس واستراتيجي ، تعرف نتائجه بعين المنطق ومسلمات القِوى قبل الخوض بأي قرار ، بحيث يفضي بالنتيجة النهائية لمصلحة حقيقة للمنطقة .
وإن الناظر الواعي لحال الأمة العربية ولما تحمل من فرقة وتمزق وضياع بوصلة ، ليعرف أن أفضل خيار يطرح في هذه الآونة هو خيار إصلاح الداخل وتقويمه وتعزيز اللحمة الداخلية حتى تكون سداً وحصناً منيعاً في مواجهة أي خطر خارجي ، وبهذا نضمن الحماية من الاختراق ، وبما يعطينا وقتاً كافياً للتهدئة التي تهيئة لنا الظرف لبناء إستراتيجية مواجهة مبنية على المنطق والقوة ..
وإن لم ننتبه لذلك فنحن على أعتاب نتيجتين ، لا ثالث لهما :
الأولى : هي انتصار معسكر معادٍ نصرناه بمالنا ليحارب الآخر معنا ، وهذا ضياع ودمار ..
الثانية : تدمير لكافة البنى التحتية التي تؤهلنا للقيام بأي مشروع ينهض بأوطاننا ويعزز داخلنا بما يكفي لمواجهة الأخطر الداخلية والخارجية ..
ونخلص بأن القرار ليس بهذه السهولة .. وهو جد خطير وبحاجة لإعادة النظر .. والقراءة من جديد