كامل النصيرات
لا أنكر كشرتي على مدار اليوم ..و همّي المُقدم عندي على أي شيء ..ولا يخرجني من تلك الحالة إلا لقاء عزيز يعرف كيف يستفزّ الفرح بداخلي ..أو مقاطعة أحد أبنائي إليّ بجملة صادمة ؛ لا أملك بعدها إلاّ أن أحضنه و أقبّله ..!!
همنا كلنا أكبر من حياتنا ..و أحياناً تشعر بأنك مهموم بلا سبب محدد لحظتها ..لأنك جُبلت على الهم ..و أكلت الهم ثلاثين مرة في اليوم ..!! حتى وأنت ترد السلام على أحد ما ؛ لا تنسى لحظة أنك مهموم ؛ لذا عليك أن ترد السلام بتحشرجات عالية الوتر في صوتك ..!! يسألك من حولك : شو مالك ..؟ أنت بانتظار هذا السؤال دائماً ..لذا ؛فإنك تتهيّأ للإجابة و تقول : إييييييييييييه ولا اشي ..؟ طريقة نطقك تقطّع القلب ..و توحي بأن هناك ( ألف إشي ) ..ومع ذلك ؛ هو بالفعل ولا اشي ..لأنك مهموم جينيّاً و وراثياً ..الضحك لديك استثناء و الله يستر من تاليه ..و السعادة الواضحة عيب بحقك ..و الرجل الذي يحمل هموم أمّة لازم ( يظل مكشّر ليوم الكشرة ولازم يظل ينفِّخ بالآآآآآآآآآآه و الإيييييييييييييه ) حتى يرسم وقار الضحيّة التي تستمتع بفعل الجلاد ..!!
قد أكون فلسفت الأمر زيادة عن اللزوم ..ولكن ..أقسم أن أغلى لحظات العمر كانت لدي ..هي تلك اللحظة التي تكون الدنيا ( مسكرة ) بوجهي ولا أجد حلاّ وكان يأتي إليّ ابني وطن ذو السنتين ايامّها و يقول لي : كامل سو مالك ..؟؟ آآآآآآآآه يا وطن لا يهم أن تناديني بابا ..المهم أن تبقى تسألني هذا السؤال بعد أن تكون بعمر العطاء و تصبح قادراً على فهم الإجابة على السؤال ..ولكنني أخاف أن تنسى هذا السؤال أو تتناسى و تقول لنفسك حينها : ختيار لو بدّي أسأله ؛ بدو يقعد يقص عليّ ..!!
حين تمشي في الشارع ..أي شارع بالأردن ..كل الناس مستعجلة و مكشرة ..أليس كذلك ..؟ راقبتُ ذلك ؛ فوجدته حقيقيّاً ..الكشرة وراثة جينيّة ؛ لن أسأل عنها ..أمّا ليش مستعجلين مع أن أغلبهم بلا مواعيد ..؟؟!! وبعد تعب ؛ عرفتُ الجواب ..: نحن لاهثون بلا نتيجة ..نعشق اللهاث ..لأن اللهاث يشعرنا بأننا ( نسعى ) و نحاول أن نقنع أنفسنا أننا تعبنا من البحث عن الأفضل ..لذا ترانا مستعجلين لكي نلهث خلف السراب ..لأن الذي يمضي وراء موعده المحدد و خرج بالوقت المناسب يكون مشيه طبيعيّاً و غير مستعجل ..أمّا المستعجل دائماً فهو الذي لا يعرف أين يمضي ..!!
إذن : نحن أصحاب كشرة و مستعجلين ..حتى لا نرتاح ولا نصل ..بل كي نشعر أننا على قيد اللهاث ..!!
إحنا ( سو مالنا ؟؟ ) ..هذه المرّة عندما أكبر أنا سوف أجيبكم ..!!
عن الدستور