القسم : مقالات مختاره
فقط في الأردن.. الجمعة قبل الجمعة!
نشر بتاريخ : 1/2/2017 11:38:24 AM
صالح عبد الكريم عربيات
صالح عبدالكريم عربيات

عممت وزارة الأوقاف خطبة الجمعة الموحّدة يوم الخميس وقد قرأتها وحفظتها وأخذت منها العبر المستفادة وأنا (متمغط) بأجواء بيتوتية حيث البوشار والكستنا أمامي وليس بأجواء روحانية حيث  الخشوع والإمام أمامي! فعلا نحن في عصر السرعة والتطور بحيث أصبحنا نعلم عن خطبة الجمعة قبل يوم الجمعة، وإذا ما بقيت الوزارة تسابق الزمن فقد تظهر نتائج يوم الحساب قبل ظهور نتائج الثانوية العامة! 

توفيرا للنفقات، لماذا لايكون البيان الوزاري أيضا (موحّدا) مثل الخطبة (الموّحدة)، يوزع على  الوزارات والدوائر الحكومية ليعمل به، وبالتالي نستغني عن نفقات الوزراء وسياراتهم وهواتفهم طالما لن يكون لهم أي دور مثل الأئمة! 

فائدة أخرى عظيمة للخطبة الموحّدة، هو أننا لن نعاني بعد اليوم من نقص في الأئمة بل يمكن الاستغناء عنهم جميعا، أي شخص متوضئ ومعه سادس ج  يستطيع أن يقوم بالمهمة طالما أصبحت الخطبة مكتوبة وجاهزة، ولا أستبعد أن يحصل في الجوامع مثلما يحصل في الجاهات، بعد الأذان الثاني يصبح المصلون يتعازمون فيما بينهم للصعود إلى المنبر، أبو محمد ينادي على أبو خلدون: سايق عليك الله تخطب، فيرد عليه أبو خلدون: لا والله ما بتعدى عليك، فينادي أبو محمد على البقية أن يتقدم أحدهم، فيرفضون تكريما له، فيصعد أبو محمد ويقول : كرّمني المصلون ولست بأفضلهم أن أقرأ خطبة الجمعة بالنيابة عنهم! 

طالما أحفظ الخطبة ومعانيها قبل يوم من صعود الإمام، هل من فتوى تبيح لنا الغياب طالما أن وجودنا في الجامع أصبح مثل وجود (المروحة)! 

خطبة موحّدة لا بأس ولكن، من قال لكم إن الخطبة التي تصلح لعمان الغربية تصلح لقرى الأردن، في عمان الغربية حيث رغد العيش من الممكن أن تدعوهم الى نصرة الفقراء و(في أموالهم حق للسائل والمحروم)، بينما في قرى الأردن حيث ضنك العيش والفقر والبطالة بماذا يمكن أن يدعو الأمام سوى (أصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون). 

الخطبة الموّحدة كانت بعنوان (حب الوطن)، وينطبق على الوزارة المثل القائل (الله يطعمكم الحج والناس راجعة) وكأنه ينقصنا هذا الحب، ومنذ أيام صغنا للشهداء العناوين من القلب لا من الخبر، فهم من كتبوا لنا بدم الشرايين مجدا، وجعلوا الأردن أكبر من الكلمات، تخطو النجوم ألقا، وازدان لهم القمر ضياء، فُتحت لهم أبواب السماء، لأن أرواحهم تسابقت حفاظا على مزار الأنبياء، ارتجفت الحروف وهي تنعى كرمهم وفضلهم وشجاعتهم، قدموا لنا درسا، أن الأردن لم يكن يوما لمن يدفع أكثر.. بل الأردن كان ومايزال مستودع العشق وهو لمن قلبه أكبر. 

دعوتُكم لنا لحب الوطن، كمن يدعو من يقيم الصلاة إلى الصلاة، والصائم إلى الصيام، فنحن الذين لم نرتوِ من حب الوطن منذ ولدنا، ونحن الذين آمنوا بأنه المقام والمستقر. 

الخطبة كانت تدعونا الى حب الوطن والتضحية في سبيله، بينما لم تدعُ فاسدا إلى حب الوطن وإعادة الأموال المنهوبة، كما لم تتحدث عن حكم من يبيع وطنا ليشتري قصرا! 

يقال إن هناك جائزة للخطيب المتميز، وأرجو من الوزارة أن تنشر الخطبة الفائزة، فلعله رأى في أولي الأمر منّا ما لا نراه ويكون سببا في هدايتنا.

عن الغد

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023