منذ اكثر من ثلاثة أعوام والبحث جار في
إعادة النظر بقانون التنفيذ وبالذات ما يتعلق منه بحبس المدين، كم لجنة بحثت وكم
من قضاة التنفيذ أبدى رأيه في مواجهة لوبي المؤسسات المالية النافذ الذي يريد
ابقاء سيف الحبس مسلطا على رقاب المقترضين المتعثرين وهم عشرات بل مئات الالاف،
الذين لجأوا إلى الإقتراض تحت إغراء الدعايات البراقة والتسهيلات المغرية، بل ان
الصحيح انه تم استدراجهم للغوص في مستنقع الديون والفوائد.
وبالمناسبة اعرف مؤسسة مالية أجنبية
مرخصة في الأردن لا تمنح الا قروضا استهلاكية وبسرعة فائقة ولو دقق البنك المركزي
على تلك القروض فقد لا يجد بينها اي قرض لمشروع استثماري فهل هذه سياسة بريئة؟؟
اللجان التي تشكل للنظر في قانون
التنفيذ غالبا ما تستبعد المحامين والقضاة الذين لهم رأي مسبق في مسألة حبس المدين
في حين ان من يمثلون مؤسسات الدائنين حاضرين بقوة وضاغطين، لكأنما التشريع جاء
لخدمة فئة من المجتمع وذبح فئة أخرى، وليس لتحقيق توازن بين المصالح المتعارضة
والحفاظ على السلم الاجتماعي بحماية الفئات الأضعف في المجتمع.
حبس المدين تشريع من العصور الوسطى،
وحين يسمع رجال القانون في الدول المتحضرة ان الأردن ما زال يعمل بحبس المدين،
يذهب بهم الخيال إلى دولة في مجاهل أفريقيا في القرن التاسع عشر، لولا أن تعود
إليهم صورة الحسين رحمه الله وصورة حية لجلالة الملك عبد الله الثاني حين يتحدث في
المنابر الدولية بلغة العصر وبلاغة الرسالة وقوة المنطق..
بإستثناء المدين المقتدر الذي أخفى
أمواله وتنكر للسداد فإنه لايجوز حبس انسان لتعثره في سداد دين مدني وينبغي أن
يمنح قاضي التنفيذ صلاحيات واسعة في التقصي والتحري عبر كافة مؤسسات الدولة حتى
يتثبت من قدرة او عجز المدين عن السداد قبل اصدار قراره بالحبس او عدم الحبس.
مؤسسات التمويل الضاغطة باتجاه الابقاء
على حبس المدين مسؤولة عن اغراق الناس بالديون وتسهيل الإقتراض للسلع الاستهلاكية
وهي التي يجب أن تتحمل نتائج هذه السياسة المالية _ غير البريئة _. وليس خزينة
الدولة التي تنفق بسخاء على آلاف السجناء الذين أصبحوا قوة عمل معطلة.
في الأردن الدولة المتحضرة عار تشريعي
وانساني ان يكون في السجن مواطن عجز عن تسديد كمبيالة.