احمد حسن الزعبي
سائد، محمد ، شافي ، يزن، صهيب ، علاء ، حاكم ، إبراهيم، وضياء..هؤلاء هم أبطال الرواية الأردنية الحقيقية، هؤلاء هم أبناء القلعة الذين أعادوا بناءها بدمائهم لتبقى مرتفعة عالياً عالياً عصيّة على كل الغزاة وجرذان الحضارة..هؤلاء الذي بدّدوا ضباب الخوف وأعادوا لفضاء الوطن لونه الذي يشبه قمصانهم الهادئة السامية كقماش السماء..
بطبع أبناء الحرّاثين..أنهم يخجلون من كل شيء..من البوح بعشقهم، من البوح بحزنهم، من البوح بشجاعتهم، فهم إن أحبوا صمتوا، وان غضبوا صمتوا، وان ظُلموا صمتوا، وان استشهدوا تركوا لجراحهم أن تنطق بالدم وما نطقوا..بطبع أبناء الحرّاثين أنهم يخجلون من كل شيء، تتورّد وجوههم خجلاً إذا ما أتى أحدهم على سيرة الحبيبة ..وتتورد صدورهم دماً إذا ما أتى أحدهم على امن الأردن الحبيبة..هكذا هم لا يجيدون التعبير الا بالدم..دم الوجنتين أو دم الفؤاد لا فرق...
أبناء الحرّاثين، لا يستطيعون أن يزوّروا مشاعرهم، لا يستطيعون أن يتاجروا بأخلاقهم ووفائهم..لا يستطيعون أن يحلفوا باسم الوطن ويحنثوا بالقسم..لا يستطيعون أن يسرقوا، أو يخونوا أو يفسدوا، ثم يتصدّرون الحديث عن الوطن..أبناء الحرّاثين، لا يستطيعون أن يتعدّوا على أبناء الذوات..فلا نصيب لهم من وظائف الخارجية ولا بتمثيل السفارات..ولا نصيب لهم في مكاتب «البريتسيج» و مستشارية الهيئات..أبناء الحرّاثين مرهونون بسيارات الحراسة، أو فوق مصفحات الدرك يصافحون بلثامهم ريح كانون، أو وقوفاً طوال الليل على اكشاش السفارات..
يا سائد ، يا محمد، يا شافي، يا يزن، يا صهيب، يا علاء ، يا حاكم..نعرف انه ربما ما زال عليكم قسط «غرفة النوم» وقسط «صوبة الغاز» وقسط «تنكة الزيت» وقسط «الروضة» لآخر الأولاد أو لأولى البنات..لكنكم أبيتم الا أن تدفعوا أرواحكم للوطن مقدمّاً..فالعسكري قد يقسط كل شيء الا محبته للوطن فهو يؤديها دفعة واحدة ..العسكري يقسّط ما لا يملك ثمنه...والروح ثمن الوطن وهل تبخل الروح على الروح؟؟...
يا أسود الأمن يا فرسان الدرك..أمس لم تقدّموا بطولة فحسب..أمس أنجبت القلعة قلعة..وأنجبت الكرك ألف كرك..يا أسود الأمن يا فرسان الدرك..عادة ما يهدى للشهيد عند التشييع اكليل ورد...نحن نهديكم أكليلاً من الوعد بان الرد سيليق بهيبة الردّ...
يا أسود الأمن يا فرسان الدرك..بتضحياتكم أمس، ألبستم القلعة «البوريه والشعار»..والبستم الأردن كله عقال العزّة والفخار...فتقبّلوا دعاءنا يا ضياء الضياء يا زرع الدار..
عن الرأي