بقلم: عمر
عبنده
ها نحن في كل وقت وحين ، ومع تبدّل
الأيام وتقلّبها ما زلنا نخوض أشكالاً وألواناً من المعضلات والتحديات الجسام التي
لا تهدأ ولا تستكين ، كأن الأقدار تستهدفنا ، وتمتحن صبرنا وعزيمتنا وقوة تحملنا .
معركة تلو معركة نخوضها ، دون أن تدع لنا فرصة لالتقاط أنفاسنا ، بعضها
فرضته عوامل الجغرافيا لأن جوارنا اشتعل ولمّا ينطفئ لهيب نيرانه بعد ، وبعضها
أوقدناه بأيدينا ، تارة عن جهل ، وتارة
بأمر بعض الخوارج ومدبري الفتن والمكائد ، واُخرى مِن مَنْ نسيهم الزمان وتجاوزتهم
الأحداث وخلّوا كراسيهم لرجالات جدد ، فعزّت عليهم أنفسهم أن أصبحوا خارج المشهد .
لنعترف وبكل جرأة بأن مكامن الخلل متعددة والتأشير عليها سهل ويسير ،
ولنعترف أيضاً أن القدرة على التصدي لها لا تزال خجلى مترددة تحكمها محاذير لا حصر
لها ، في مقدمتها عدم تفهم شريحة ٍ واسعة ٍ من الناس لحقيقة أوضاعنا ، فالكل يريد
أن يأخذ ولا يُعطي والكل يريد أن يجعل "النار على قرصه" ، رغم علمهم بأن
احتكار المنفعة نقيصة يأنفها أحرار الناس .،. يُضاف الى كل ما نقول ذاك التخبط
وتلك الضبابية والحلول العرجاء غير الناجحة في مواطن متناثرة في الأرجاء .
لقد وصلنا الى مرحلة أصبح فيها
الإحساس بالمسؤولية منعدمًا أو من تراث زمان ، فلم يعد الإحساس فيها واجبًا
يحتمه دين وقيم وعادات فُضلى تربينا عليها . وقلنا غير مرة أنه لا مجال للتراخي
الذي ينال من قدرتنا على الصمود ولا مجال للعبث الذي يمس خصوصية علاقاتنا مع غيرنا
ومع دول يربطنا معها عمق أدبي ، وسند استراتيجي ! علينا أن
نعيَ مخاطر الجنوح والشطط ، علينا أن نتقيَّ ردود أفعال غير مسؤولة قد تَرد لنا الصاع صاعين ، وعلينا
أخيرًا أن نحافظ على ما بقيّ من ودٍّ معها .
الأردن بقعة طاهرة ، شاء الله أن يجعلها في منطقة متداعية الأركان متساقطة
البنيان، لكنه رغم كل هذا ورغم منغصات الداخل التي تعتور طريقه سيظل في مقدمة
الركب العربي أصالة وصمودًا .
فنحن قادرون على العطاء والإبداع ،
قادرون على مواصلة البناء لتحقيق المعجزات كعهدنا دائمًا بالوعي والصبر وبالمزيد
من التماسك في أُسرة محصّنة لا تلتفت الى قول مارق هنا أو جاحد هناك .