القسم : محلي - نافذة على الاردن
نبض تيليجرام فيس بوك
نشر بتاريخ : 19/02/2018 توقيت عمان - القدس 8:52:32 PM
العفو العام.. مطلب "مُلح" لتهدئة الشارع الأردني
العفو العام.. مطلب "مُلح" لتهدئة الشارع الأردني
الحقيقة الدولية – كتب محرر الشؤون المحلية

 يأمل كثير من الأردنيين أن تتخذ الحكومة خطوة جادة في تهدئة الشارع الأردني بعد القرارات الإقتصادية الأخيرة التي نزلت عليهم كالصواعق نتيجة تخبُّط الحكومة في تحصيل مبالغ لسد عجز الموازنة، ولم تجد سوى الولوج إلى جيب المواطن كونه "المُنقذ" الوحيد لتحصيل هذه الأموال منه بدون أن يصرخ أو يتوجع علانية. ويطمح غالبية المواطنين إلى أن تعمد الحكومة إلى زيادة الرواتب لتتماشي وتُعوِّض تراكمات زيادة الأسعار والضرائب، وتخفف عن الناس قليلاً ليشعروا بنوع من الإرتياح النفسي بعد هذه "الخبطات" على الرأس، والتي من المستحيل أن تتراجع الحكومة عنها.

ويُعتبر العفو العام هو الخيار "الأنسب" لدى الكثيرين، والذي يجب أن تعمل عليه الحكومة حالياً كونه مطلب شعبي متجدد، للحيلولة دون تفاقم الوضع في الأردن بعد موجة الضرائب وارتفاعات الأسعار. وبات هؤلاء المواطنون يترقبون العفو العام بفارغ الصبر بسبب ما عليهم من غرامات، أو لارتكابهم مخالفات وجنح بسيطة، أو لأجل ما يمكن معالجته ولم يشكل فعله مخاطر عميقة. وكون ما يمر به المواطن من ظروف إقتصادية واجتماعية صعبة ولا يمكن تصورها بشأن المحكومين أو الموقوفين، وأهاليهم وذويهم، عدا عن تخفيف الأعباء على المواطن الأردني الذي سُجلت عليه بعض المخالفات ولا يوجد لديه ما يُسددها به.

وتُشير الدلائل إلى عدم وجود نية لدى الحكومة لإصدار مثل هذا القانون، وذلك لعدة أسباب، أهمها، أن هذا "العفو" إذا صدر سيعمل على إضاعة الحقوق والغرامات المتأخرة على المواطنين، وبعض المستحقات المالية المتوجبة على البعض، حيث يقوم الغالبية بتأخير دفع ما عليهم من مستحقات وغرامات ومخالفات إنتظاراً لصدور العفو العام الذي سيشطب جميع ما عليهم من هذه الأمور، وبذلك ستخسر الحكومة ملايين الدنانير التي سترفد الخزينة جرَّاء المخالفات المترتبة على المواطنين.

وتشير الإحصاءات الإقتصادية بأن كلفة نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل من محكومين وموقوفين تزيد عن 50 مليون دينار سيتم توفيرها على الخزينة في حال تم إقرار القانون. 

ولو درست الحكومة الأمر و"حسَبتها" بالورقة والقلم بشأن المخالفات والغرامات التي "ستُمحى" عن المواطنين و"تُحرم" الخزينة من ضمِّها، وما ستوفره الخزينة من مصاريف وتكاليف على إقامة نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل والسجون، لكان الرقم متقارباً، وبذلك تكسب الحكومة بعض الشعبية التي فقدتها خلال الفترة الماضية بسبب قراراتها القاسية ضد المواطنين، وتُدخل بعض الفرح إلى جزء كبير من الشعب إنتظروه طويلاً.

وعبَّر مواطنون من خلال تعليقاتهم على ما نشر في مواقع التواصل الإجتماعي سابقاً حول المطالبة بعفو عام، عن رفضهم لمشروع قانون العفو العام، قائلين أن من يرتكب جريمة يجب نيل عقوبته كاملة على ما ارتكبت يداه حتى لا يُكررها مرة أُخرى، حيث أن الأصل في العقوبة تحقيق الإصلاح وتهذيب السلوك وردع المجرم، وفي حال تم صدور عفو عام وشمول المجرمين به فلن تكون للعقوبة هيبة، ولا للقضاء قوة، وبالتالي سيفلت المجرم من العقاب، ويَعمد إلى تكرير فعلته، بالإضافة إلى أن العفو قد يتسبب في ضياع حقوق المجني عليهم. مطالبين بأن يكون العفو إن تمت دراسته عفواً خاصاً للمخالفات والجُنح الصغيرة، وليس عفواً للجرائم الكبيرة أو الخطيرة. 

وأكد الناشطون أن تجارب العفو السابقة أثبتت أن من يشمله العفو، يعود إلى السجن بعد أن يُضبط في جرائم أُخرى كالإحتيال والنصب والسرقة وغيرها. وقد وثَّقت مديرية الأمن العام في عفو عام سابق بالأرقام عودة معظم من أفرج عنهم إلى مراكز التوقيف بعد فترة قصيرة من الوقت، لأن هؤلاء المجرمين بإصدار العفو تشجَّعوا على ارتكاب المزيد من الجرائم٬ كونهم يأملون بالإفلات من العقاب في عفو قادم.

وكان جلالة الملك وجه الحكومة في نهاية شهر آيار 2011 بإصدار قانون للعفو العام.

وقال جلالته حينها أن موضوع إصدار عفو عام يتصدر أولوياته في هذه المرحلة، بعد أن وجه الحكومة بدراسته قبل أسابيع وفق القنوات القانونية المرعية، "ترجمة لرؤيتنا بإيجابية العفو عند المقدرة، والحرص على التخفيف عن مواطنينا ممن ارتكبوا أخطاء ويعانون من الظروف الاقتصادية الصعبة التي تحكم العالم اليوم، وأثرت على واقعنا الاجتماعي ممّا فاقم الأثر الاجتماعي للعقوبات".

وأكد جلالته حينها بضرورة التركيز على "الهدف الاجتماعي المتمثل في رفع الضغوط عن كاهل شعبنا الحبيب، على ألا يفسّر اللّين بأنه ضعف".

ونحن نقول بعد مضي حوالي سبع سنوات على رسالة الملك للحكومة، بأن الشعب الأردني لا يُعاني الآن من الظروف الإقتصادية الصعبة التي تحكم العالم فقط، وإنما أيضاً من الظروف الإقتصادية المُجحفة والقاتلة التي "جارت" بها عليه حكومة الملقي ومن سبقها من حكومات لم ترحم شعبها، ولم تترك لمواطنيه مجالاً ليتنفَّسوا أو ليستجمعوا قواهم نتيجة الصدمات المتتالية. فهل يوجد ضغوط أقسى من التي يُعاني منها الشعب حالياً في ظل ظروف إقتصادية خانقة وغلاء فاحش وضرائب لم ترحم.. والغالبية العظمى من المحكومين والموقوفين يرجع سبب ارتكابهم للجرائم هو الفقر والظروف الإقتصادية الصعبة التي يمرون بها. 

ربما حان الوقت لإصدار عفو عام يُضمد جُرحاً من جراحات الحكومة الكثيرة في جسد هذا الشعب الصابر بسبب حبه لوطنه وقيادته، وإلا لانفجر منذ زمن.

Monday, February 19, 2018 - 8:52:32 PM
المزيد من اخبار القسم الاخباري

آخر الاضافات


أخبار منوعة
حوادث



>
جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023