نشر بتاريخ :
21/06/2025
توقيت عمان - القدس
5:40:25 PM
الحقيقة الدولية - محمد فلاح الزعبي- تعتبر الازمات بيئة
خصبة لظهور الشائعات التي تنطلق هنا وهناك وهي في جوهرها معلومات مغلوطة، تربك
المتلقين لها، وتحدث بلبلة بين مكونات المجتمع، كما تشغل الجهات المعنية بدحضها
بدلا من التعامل مع الازمة وايجاد الحلول بالوقت المناسب.
وكما أن مصدر الخبر معروف وواضح، فإن مصدر الشائعة عادة
ما يكون مجهولا أو غامضا، فيما تتولد الشائعات من إحدى ثلاث حالات:
أولا: من خبر لا اساس له من الصحة
ثانيا: من تلفيق خبر يحتوي على جزء من الحقيقة
ثالثا: من المبالغة الجسيمة في نقل خبر فيه شيء من الصحة
بعض الوسائل الاعلامية تلجأ للإثارة بهدف جذب المشاهد او
القارئ، وتسهم بنشر الشائعة بقصد أو دونه، خاصة في ظل المنافسة الكبيرة في هذا
الوقت بين الوسائل الإعلامية.
وتشكل الشائعات وآلية الحد منها جدلا بين الباحثين إذ
يعتقد فريق بأن على الإعلام تجاهل الشائعات حتى لا تنتشر أكثر، في حين يعتقد آخرون
بأن على الإعلام الرد عليها بهدف بيان الحقيقة، متسما بأسلحة الشفافية وحرية
النشر، وذلك في إطار الضوابط الاخلاقية والقانونية، فيما يرى فريق ثالث، بان طبيعة
الشائعة واسباب انتشارها، هو ما يحدد آلية التعامل معها.
قد يكون نشر الشائعة بشكل غير مقصود من قبل الوسائل
الاعلامية، سيما عند غياب الرواية الرسمية لديها، فتصبح المعلومة متضاربة
ومتلاحقة، ومن مصادر متعددة متناقضة، فيكون تصنيف المعلومات وفلترتها والـاكد من
صحتها، فيه شيء الارباك ، خاصة عند الإعلاميين ذوو الخبرة القليلة، فعدم نشر
الشائعة او التعامل معها بحجمها الحقيقي منذ البداية او ضعف القدرة على ربط
المعلومات مع بعضها لتشكل رواية تفسيرية متكاملة، او التعامل مع المعلومات بعاطفة
خاصة في الازمات الانسانية، كلها، اساب تؤدي الى خلط المعلومة بالشائعة وبالتالي
ارباك مركب للمتلقي فتضيع الحقيقة الجلية في خضم فوضى المعلومات.
ثمة اسباب اخرى تكمن في المصدر ذاته، فهو يخلط وجهة نظره
الشخصية بالمعلومة التي يريدها الصحفي منه عن الحدث، ويصبح هدفه تمرير وجهة النظر
هذه، وهنا، يجب ان تبرز قدرة ومهارة الصحفي على التمييز بين المعلومة والتحليل
ووجهة النظر، في مادة المصدر.
ومن هنا نؤكد على ضرورة اعداد وتأهيل الصحفيين
والاعلاميين للتعامل مع الازمات، خصوصا من حيث القدرة على الموازنة بين طموحه
للسبق الصحفي بالحصول على الخبر اولا والتفريق بين مصادر المعلومات من حيث الثقة
قم معرفته التامة بالقيم الاعلامية من دقة وموضوعية وصدق والشمولية ثم معرفة تامة
بالتشريعات والقوانين الناظمة والمنظمة لعمله كي ليكتب ضمن ضوابط القوانين
والتشريعات كي لا يتعرض للمساءلة القانونية.
النكتة والأزمات: تندر أم تضليل
ترتبط الأزمات دوماً بحالة من التندر، تكون على شكل نكات
لها ارتباط وثيق مع بعض الحوادث والتصريحات من هنا وهناك، وعادة ما تكون حالة من
الانتقاد غير المباشر. ولكن هل التندر هو مجرد نكات للضحك أم أن له تأثير مباشر
على توجيه قطاعات معينة من المواطنين سلبا أو ايجابا؟ وهذا سؤال مهم حيث أن للنكتة
صفات لا تكون في غيرها من الأخبار المتناقلة أو المعلومات.
وتتوالد النكتة بأشكال عند كتابة وصورة وكاريكاتيراً
وتسجيلاً صوتياً أو فيديو، كما أنها تشمل الأشخاص والمواضيع كافة، ومنها ما هو
جارح وما هو هادف، بل منها ما هو ممنهج، خاصة في الأزمات ذات طابع الصراع السياسي
حيث يستخدمها أطراف الصراع للنيل من خصومهم، فيما تستخدم في الأزمات من قبل المعارضين للجهات التنفيذية في الدولة
من أجل التقليل من إجراءاتهم في إدارة الأزمة وبيان أخطائهم وبذلك فهي نتاج
اجتماعي ثقافي سياسي.
كما تتقاطع النكات مع الشائعات في كثير من مراحلها، قد
تصل حد تضليل المواطن من جهة، وتوجيهه باتجاه رأي معين من جهة ثانية، ما يؤدي الى
اتخاذه موقفا من الأزمة – مع أو ضد -دون أن يشعر، فمن أهم ميزات النكتة عن التي
تجعلها أخطر من الشائعات بالمعلومات المغلوطة واستخدامها في التضليل، حيث أن
للنكتة صفة الانتقال الفيروسي الذي يغزو المجالس ومواقع التواصل الاجتماعي ويجذب
المتفاعلين بالضحكات والتعليقات من جهة كما انه يجعل المعلومة الموجودة في النكتة
تستقر في اللاشعور عند المواطن لينساق باتجاه راي جهة من الجهات.
ومن أبرز مزايا النكتة في الأزمات:
أولا: مؤلفها مجهول وبالتالي فهو يتحايل على الملاحقة
القانونية.
ثانيا: انتقالها فيروسي اي سريع جدا وينتقل بين الناس
كما ان حفظ النكتة سهل جدا.
ثالثا: تحرف القضية عن مضمونها الجوهري فهي تأخذ جزئية
وتبدأ بالتندر عليها فيتم تجاهل بقية القضية التي من المفروض انها مناط النقاش
والتحليل.
وفي دراسة لمعهد رويترز لدراسة الصحافة أكد فيه خطورة
حجم انفتاح الجمهور على " نظريات المؤامرة والتضليل" مما يؤكد الحاجة
إلى صحافة دقيقة وذات موثوقية، مشيرا الى الحاجة لتغيير سلوكيات الجمهور في الحصول
على الأخبار بشكل كبير وفي كافة المجالات، سواءً في المصادر التي يعتمدها الجمهور
للحصول على الأخبار عموما وخاصة في الازمات، أو الجهات التي يثقون بمعلوماتها،
وكذلك المنصات الرقمية التي يعتمدونها لمتابعة الأخبار.
وكانت الحرب الإيرانية – الإسرائيلية بيئة خصبة لإصدار
النكات والتندر وتسابق الكثير من الأشخاص لعمل فيديوهات قصيرة وصور والتعليق على
الصواريخ سواء الإيرانية او الإسرائيلية بشكل طريف ربما أدت دورا سلبيا أحيانا
وحالة من الاستخفاف بها خاصة في الأردن والتي تشهد سماءها يوميا سقوط شظايا من
طائرات مسيرة او صواريخ أدت الى عدم المبالاة فيما تصدره الجهات المعنية من
تعليمات خاصة في حال سماع صفارات الإنذار او التعامل مع الاجسام التي تسقط مما قد
يعرض حياتهم للخطر.