نشر بتاريخ :
20/10/2020
توقيت عمان - القدس
9:21:50 AM
د. زكريا الشيخ يكتب.. حظر "الجمعة" منفردا خطأ استراتيجي وخطيئة اخلاقية
بقلم د. زكريا محمد الشيخ - نائب سابق -
رئيس لجنة التوجيه الوطني والاعلام النيابية في المجلس السابع عشر
رَشُحت تسريبات من وسائل اعلام اردنية موثوقة تفيد بان
النية الحكومية تتجه نحو الاقتصار على ان يكون الحظر الشامل يوم الجمعة فقط بدلًا
من الجمعة والسبت وان النية تتجه نحو زيادة عدد ساعات الحظر الجزئي اليومي من
الساعة الثامنة مساء وحتى السادسة صباحا.
أولًا أتمنى ان تكون هذه
الأنباء والتسريبات غير صحيحة، لانها تخالف العقل والمنطق والعلم ولا جدوى صحية
منها وثانياً اذا كان هناك من يدعو الى هذا الخيار ادعوا ان يتوقف عن ذلك لان لهذا
ابعاد ستدخل المجتمع في دوامة الاتهام والجدل وتزعزع الثقة ما بين الحكومة
والمواطن والطعن بالأهداف والغايات ونحن بغنى عنها وذلك للمعطيات والأسباب التالية:
١. ان الحظر الشامل يوم
الجمعة فقط يعني تعليق صلاة وخطبة الجمعة وهي العبادة الاهم في حياة المسلم
الأسبوعية، وسيساهم في زيادة إضعاف المنظومة الروحانية والدعوية بعد ما تعرضت له
هذه المنظومة خلال حكومة الرزاز الى هزات عنيفه وخاصة بتعليق مراكز تحفيظ القرآن
الكريم والفعاليات الدعوية على مختلف أنواعها وتقييد دور الدعاة اصحاب العلم
والقبول والرسالة والمساس بالمناهج وغيرها، وبالمقابل تم اطلاق العنان لتيار
الاباحية والانحلال وتبني عدد من فعالياته وافكاره وهذا التيار اخذ مجده زمن حكومة الرزاز ومنح له الغطاء الأمثل بحجة
قيم النهضة والتنوير والتحرر وحقوق الجندرية والتنوع الجنسي وغيرها الذي يتضمنه
العقد الاجتماعي الجديد للدولة الاردنية الذي تبناه الرزاز واللوبي الذي يدور في
فلكه، وما زالت ذيوله حاضرة بقوة.
٢. ان تعزيز المنظومة
الدعوية والدينية تعد من اهم عناصر الدعم والإسناد للمنظومة الأمنية والأخلاقية
والاجتماعية التي تشهد تدهورا خطيرا
وآخرها انتشار ظاهرة البلطجة والمخدرات والانفلات الأخلاقي وما رافقها من عنف
وجرائم وادخال مظاهر ودعوات غريبة على مجتمعنا
الامر الذي يتطلب تفعيل دور المسجد التوعوي والقيادي والريادي وتكثيف
فعاليات الوعظ والإرشاد ضمن خطة استراتيجية مدروسة وتطوير أدواتها وتقديم الدعاة
اصحاب العلم والدين والقبول لدى الناس الى الواجهة بدلًا من الدعاة "الهواة"
لنواكب متطلبات العصر ونمط تفكير الشباب الجديد وما يتعرضون له من تأثيرات
واغراءات متنوعه.
٢. لم يثبت علميًا
الجدوى الصحية لحظر اليومين وستكون الجدوى اقل حين تقليصها الى يوم واحد، فما
الحكمة من استهداف الجمعة بعينها دون باقي ايام الأسبوع، علما بان حركة الأفراد
والمركبات والاحتكاك بين المواطنين يكون يوم الجمعة في حدها الأدنى مقارنة مع ايام
الأسبوع الأخرى.
٣. اثبت الواقع والرصد
الميداني بان رواد المساجد هم الأكثر انضباطا والتزامًا بمعايير التباعد ووسائل
السلامة العامة فبالتالي لا مبرر لحظر الجمعة اذا كان الهدف عدم السماح للتجمعات
الكبيرة ومنها صلاة الجمعة التي يجتمع فيها المؤمنون متضرعين لله سبحانه لرفع
الوباء والبلاء عنا.
باختصار ادعو الى عدم الذهاب الى هذا الخيار والتوقف عن
تعليق الصلوات وخاصة صلاة الجمعة وما لهذا الامر من مخاطر قريبة وبعيدة المدى على
نمط سلوك وثقافة تزرع لدى الأجيال الناشئة ليعتاد للأسف على عدم أهمية صلاة
الجماعة والجمعة وبالتالي تجفيف منابع التدين لدى اجيالنا المستقبلية.
وإنني ادعو وزارة الاوقاف ممثلة بوزيرها ان يضطلع
بمسؤوليته الأخلاقية والدينية اتجاه مساجدنا وان لا يبقى متفرجا وعدم السماح
بتمرير هكذا خيار وذلك اذا صحت التسريبات الصحفية، وان يقف مدافعا عن مساجدنا
وخاصة ان لجنة الأوبئة أعلنت ان حظر يومي الجمعة والسبت لم يتم التوصية به وهو
عديم الجدوى.
اقدم هذه النصيحة للحكومة الجديدة لثقتي في رئيسها والعديد
من أعضائها قبل ان نرتكب خطيئة ستكون لها تبعات سلبية عديدة، وحقيقة لا يليق بدولة
ملكها هاشمي ان يكون يوم جمعتها بلا صلاة جمعة.
والله من وراء القصد