اتهمت زوجة المعارض السعودي المختفي ناصر السعيد المملكة السعودية بالمسؤولية عن مصيره بعد ثلاثين عاما من غيابه في ظروف غامضة في العاصمة اللبنانية عام 1979. وروت السيدة أم جهاد قصة اختفائه في فيلم وثائقي تذيعه قناة 'الحوار' اليوم، كما تنقل روايات سمعتها من رفاق زوجها في النشاط السياسي الناقد للحكم في المملكة العربية السعودية ومن بعض معارفه وأصدقائه في بيروت ودمشق.
وتؤكد ام جهاد أن الذي أزعج السلطات السعودية فيما يبدو هو انتقاد ناصر السعيد للطريقة التي تعامل من خلالها النظام مع مجموعة جهيمان العتيبي الذي قاد تمرداً في اليوم الأول من شهر محرم عام 1400 للهجرة الموافق للرابع من كانون الأول/ديسمبر 1979 للميلاد داخل الحرم المكي معقتداً بأن المهدي المنتظر عبد الله القحطاني ظهر وتوجب على المسلمين مبايعته.
ورغم أن المرجح أنه تمت تصفية المعارض السعودي بعد اختطافه مباشرة، إلا أن أم جهاد لا تزال تنتظر عودة زوجها وأبي أولادها. ويبدأ الفيلم بتسجيل صوتي لمذيع في البي بي سي وهو ينقل عن ناطق باسم جماعة سعودية معارضة توجيهها أصابع الاتهام إلى النظام السعودي في قضية السعيد.
ويبرز الفيلم شخصية ناصر السعيد الثائرة، وهو الشاب المنحدر من قبيلة شمر في منطقة حائل، الذي نشأ على كراهية الظلم والاستبداد، وشهد كثيراً من مظاهره تلك بنفسه بل تعرض لها حينما سجن مع جدته وهو فتى، كغيره من شباب الجزيرة العربية في الخمسينيات من القرن الماضي، توجه ناصر السعيد إلى المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية حيث الصناعة النفطية بحثاً عن فرصة عمل. وفي أرامكو، الشركة النفطية الأهم والأكثر نفوذاً، قاد ناصر السعيد مع مجموعة من زملائه حملة لتنظيم العمال في شركة أرامكو للمطالبة بحقوقهم ورفع الظلم عنهم، وكان ذلك بمثابة وضع اللبنة الأولى للعمل النقابي في المملكة العربية السعودية، الأمر الذي دفع أرامكو إلى الاستعانة بالسلطات السعودية لفض التنظيم واعتقال القائمين عليه، مما ألجأ السعيد إلى دمشق حيث مارس نشاطه السياسي المعارض من هناك، وتنقل خلال الستينيات بين القاهرة وعدن وبيروت التي كانت آخر مكان يزوره قبل اختطافه.
ومن الروايات التي تواترت بين الناس حول اختفاء السعيد الزعم بأن قياديين في حركة فتح، قبضا مالغ طائلة من المملكة العربية السعودية مقابل اختطاف السعيد وتسليمه للسفارة السعودية في بيروت التي نقلته بدورها مخدراً إلى مطار بيروت حيث وضع في طائرة خاصة ونقل إلى السعودية.
من الجدير بالذكر أن قضية ناصر السعيد عادت إلى الأضواء بعد عقود من الصمت والتكتم، وذلك بسبب ما ورد على لسان العقيد سعيد موسى مراغة (أبو موسى)، أمين سر فتح الانتفاضة من أن أبا إياد برر ذهابه إلى تونس وتغيير رأيه بأن إصلاح الثورة يحتاج إلى مال، فكان رد أبي موسى 'وأين الملايين التي قبضتها أنت وأبو الزعيم من السعودية مقابل تسليم المعارض السعودي'. بعد ثلاثين عاماً، يظل مصير ناصر السعيد مجهولاً. وتبث القناة الفيلم اليوم الخميس الساعة السادسة بتوقيت غرينيتش (التاسعة بتوقيت مكة المكرمة).