القسم : مقالات مختاره
ألمانيا تتمرد على أمريكا للمرة الثالثة..
نشر بتاريخ : 6/12/2017 12:08:22 PM
خالد الزبيدي


خالد الزبيدي

 بعد ان اندحرت الحرب العالمية الاولى بهزيمة دول المحور أسست امريكا عصبة الامم المتحدة واعتمدتها منصة للتوسع الخارجي، وقدمت نفسها دولة بناء واعمار الا ان المانيا بعد 15 عاما تمردت على امريكا والغت معاهدة الاستسلام، وانطلقت عمليات الحرب العالمية الثانية واجتاحت قوات الرايخ الثالث فرنسا وتمددت شرقا وصولا الى استالينغراد وغربا الى اسبانيا والمحيطات، الا ان المانيا انهزمت ثانية في الحرب التي كلفت اوروبا واليابان قرابة 60 مليون قتيل وجريح، تدخلت امريكا مرة ثانية بنفس الاسلوب وفق شروط مشددة في مقدمتها عدم اعادة بناء القوة العسكرية الالمانية، واطلقت مشروع مارشال لاعادة البناء، واسست مؤسسات كولونيالية ( صندوق النقد، والبنك الدولي، واتفاقية الجات التي اصبحت منظمة التجارة العالمية، واعلنت قيام حلف الناتو بقيادة امريكية، ومن نتائج الحرب واعادة البناء استحواذ واشنطن على القرار السياسي الاوروبي، واستحوذت على مستعمرات الاوروبيين بشكل اكثر نعومة وضراوة.

 احتدام الخلاف بين المملكة العربية السعودية وقطر واعلان ترمب موقفا واضحا تجاه الدوحة الامر الذي اثار حفيظة برلين واطلقت ميركل ووزير الخارجية الالماني سلسلة تصريحات تظهر اهتماما غير عادي بقطر واعتبرت الازمة والعقوبات الخليجية والعربية بحق قطر اضرارا بالاقتصاد الالماني.. وهذا هو التمرد الالماني الثالث على امريكا خلال نحو 100 عام تقريبا، وهو شكل من اشكال تعارض المصالح والسياسة بين دول اوروبا والولايات المتحدة الامريكية، اذ ترى المانيا نفسها في موقع جدارة اقتصادية وسياسية وصاحبة اكبر اقتصاد في اوروبا والثالث على المستوى الدولي.

 الولايات المتحدة ترى انها استنفدت اوروبا المثقلة بالديون السيادية وانها شريك يرتب اعباء اضافية على واشنطن التي سعت خلال السنوات العشرة الماضية التخلص من اي تكاليف اضافية والعمل على استحواذ منطقة واسعة جغرافيا وكتلة سكانية تتراوح ما بين 300 الى 350 مليون نسمة وتقع في قلب العالم القديم وتضم هذه المنطقة الهلال الخصيب ومصر وايران وعددا من الجمهويات المستقلة منها اذربيجان والاكراد والتركمان والفرس في جهد لصهر القوميات على غرار التجربة الامريكية او على شكل دول مستقلة او اتحادات متجانسة نسبيا.

 هذا الجهد الشيطاني الذي تقوم به واشنطن يقابله جهد روسي مواز ومؤثر يسعى لافشال المخطط الامريكي وتحل موسكو مكانه، وفي كلتا الحالتين اوروبا تجد نفسها خاسرة، وفي حال انجاز الشرق بقيادة روسيا ستفقد امريكا حضورها في جنوب شرق اسيا، اما الكيان الصهيوني فهو الاسرع ذوبانا في المنطقة، والاغلب سيتم تقديم نموذج سويسري متكامل لديه خبرة ولم ينغمس في الدم ولم ينزلق لفوضى ما سمي بـ الربيع العربي، ويسير بهدوء نحو تقديم نموذج للاستثمار والتعايش والمحافظة على حقوق الانسان ...وهذا النموذج يرجح ان يكون الاردن في كافة القطاعات.

عن الدستور

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023